أم لا؟ وهذا هو الجهة الأولى.
والذي هو التحقيق في هذه المسألة: أن تعدد الأمر تأسيسا مع وحدة الآمر والمأمور غير ممكن، لأن تشخص الأمر التأسيسي والإرادة المظهرة بالمراد، ولو كان المراد واحدا في الإرادتين فلا بد وأن تكون الإرادة واحدة بالسنخ وإن كانت متعددة بالشخص، وإذا كانت هي واحدة فالحكم واحد، ولكن الثاني يكون تأكيدا.
إن قلت: الإرادة في جميع أنحاء الأحكام واحدة بالسنخ، مع تعدد الحكم تأسيسا.
قلت: نعم، إلا أن المراد من الوحدة السنخية هو أن الإرادة فيما نحن فيه مع وحدة المراد - وهو التوضؤ وصلاة الآية - تنشأ من منشأ واحد، وميزان تعدد الحكم تعدد مناشئه، لاختلاف الحكم باختلاف تلك المناشئ الراجعة إلى المصالح والمفاسد، ولا شبهة في أن التوضؤ بطبيعته الوحدانية، ليس إلا ذا مصلحة موجبة للأمر به، ولا معنى للأمرين التأسيسيين في هذه الصورة.
إن قلت: ليس معنى للإرادة التأكيدية وللبعث التأكيدي، بل الأمر الثاني - كالأمر الأول - تأسيسي، إلا أن بعد ملاحظة وحدة المتعلق يحكم بأن الوجوب متأكد، والثاني مثلا مؤكد للأول من غير أن يكون الثاني منشأ بعنوان التأكيد (1).
قلت: الأمر كذلك، ولكن المقصود من " التأسيس " هو كون الثاني مستتبعا للعقاب الخاص، وللثواب والإطاعة المخصوصة، مع أن الأمر ليس كذلك، فالمقصود من نفي التأسيس هو نفي ذلك بنفي آثاره الخاصة، وعندئذ يرجع السبب الثاني إلى سقوطه عن السببية، سواء كان تعدد السبب نوعيا، أو كان تعدد السبب شخصيا.