ويصدقه العقلاء بأنه ما قاله، ولكن ربما لا يصدقوه، لأجل استفادتهم منها نوعا، ويحتجون عليه.
وبالجملة: في قوله: " إن جاء زيد أكرمه " يصدقوه بأنه ما قال: " وإن لم يجئ لا تكرمه " وهذا هو المفهوم. فما في كتب المتأخرين من جعل المفهوم من الدلالة الالتزامية (1)، في غير محله بالضرورة " (2).
أقول: قد تحرر في محله بطلان الدلالة التضمنية والالتزامية:
أما الأولى، فواضحة، بل لا ترجع إلى معنى معقول.
وأما الثانية، فلأن الدلالة الوضعية هي دلالة اللفظ على المعنى تبعا لوضع الواضع، فلو كان الواضع لاحظ اللازم فيكون قيدا في الموضوع له، ولا يكون من الدلالة الالتزامية التي هي متأخرة في الرتبة عن الدلالة المطابقية.
وإن لم يلاحظ الواضع فلا يكون من الوضع، بل هو أمر حاصل من الألسن وكثرة الاستعمال والتلازم الخارجي، من غير كونه واردا في الموضوع له، وربما يحصل - لأجل الكثرة - وضع تعيني للمعنى الملزوم واللازم، فيكون الموضوع له مركبا ومقيدا أيضا، فلا يعقل الدلالة الالتزامية الوضعية إلا تساهلا ودعوى: أن الواضع اعتبر الملازمة، وهذا أمر غير ممكن، لأنها واقعية، وليست تحت سلطان الواضع بالضرورة، فعليه تنحصر الدلالة الوضعية بالمطابقة.
إذا عرفت هذه الأمور، وجهات المناقشة في تعاريف القوم، فلا بأس بالإشارة إلى نكتة أخرى يلزم مراعاتها في تعريفه: وهي أن أخذ صفة غير مذكورة في