وأما الطائفة الثانية منها، فهي التي تستفاد من المنطوق حسب الأفهام العرفية، من غير دلالة المنطوق على العلية التامة المنحصرة، فهذه تكون قابلة للجعل، وتكون قابلة للخلاف، وليست مندرجة في الظواهر بنحو الإطلاق، فلا يكفي النزاع الآتي في الظواهر (1) عن هذا النزاع.
مثلا: إذا قلنا، بأن للجملة المغياة مفهوما، والمفهوم مستفاد من أخذ الغاية عرفا، فهو ليس من أنحاء مداليل الكلام حتى يكون من الظواهر كما عرفت، بل هو ربما يستند إلى بعض الجهات الاخر، مثل اللغوية، واللا لغوية، فلا بد من عقد البحث عن حجيته بعد فرض ثبوته، ولا يكفي مجرد ثبوته، فهناك نزاعان:
أحدهما: صغروي، وهو أن للجملة الشرطية والوصفية مفهوما، أم لا؟
ثانيهما: صغروي وكبروي من جهتين، صغروي لأجل البحث عن أصل وجود المفهوم للغاية، وكبروي لأجل البحث عن حجيته بعد ثبوته، لأنه ربما لا يكون من اللازم البين، بل يكون من مداليل الكلام حسب المتعارف في محيط التقنين.
نعم، كما لا يكون النزاع عن حجية الظواهر من النزاع العقلائي، لوضوحها، كذلك الأمر هنا، فلا تخلط.
وهناك طائفة ثالثة: وهي المفاهيم الموافقة، فإن النزاع فيها مثل الطائفة الثانية أيضا، كما ترى.
اللهم إلا أن يقال: بأن في الطائفة الثانية أيضا يريد القائل بالمفهوم إثبات انحصار موضوع الحكم بما في المنطوق، ونتيجة ذلك سلب سنخ الحكم عن الموضوعات الاخر، فتدبر.