يحكم بأن أصالة الانحصار متعينة للتصرف، دون أصالة الاستقلال، وبذلك يكشف حدود الإرادة الجدية، وأن المجعول استقلال كل واحد من المقدمين في العلية.
والذي هو الجواب: أن صفة الانحصار إما ليست صفة ثبوتية، أو لا تكون معلول صفة العلية حتى يتأخر عنها بالرتبة، ضرورة أن التأخر والتقدم بالرتبة لا يتصور بين كل شئ مع ملازمه، فربما تعتبر الصفتان المزبورتان معا للموضوع الواحد، كما عرفت في الوجه السابق.
السادس: أن الموجب لوقوع المعارضة إنما هو ظهور كل من القضيتين في الانحصار، دون الاستقلال، فما هو السبب الوحيد وما هو منشأ المكاذبة أولى بالتصرف من غيره (1).
وبعبارة أخرى: إن أصالة الاستقلال في كل واحد منهما، لا تمنع الأخرى، بخلاف أصالة الانحصار، فلا معنى للتصرف فيما لا يوجب المكاذبة، بل يتعين التصرف فيما هو المنشأ لها والسبب المولد لتلك المعارضة، وبذلك تنحل المشكلة.
ولا يقاومه ما قيل: " من أن العلم الاجمالي باق على حاله " (2) لما عرفت أن نظر المستدل إلى حله حسب فهم العقلاء بأن من ذلك التقريب يستكشف محط التصرف والتقييد، وينحل العلم انحلالا حقيقيا طبعا.
وإن شئت قلت: مجرد إمكان رفع المعارضة بالتصرف في أصالة الاستقلال لو كان كافيا، بدعوى العلم الاجمالي كما ادعوه (3)، لكان لنا أن نقول: بأن رفع المعارضة يمكن بالتصرف في أصل علية المقدم للتالي، وقد مر منا: أن إثبات أصل