العلية أيضا مستند إلى الإطلاق، دون الوضع (1).
وتصير النتيجة على هذا: أن قضية العلم الاجمالي رجوع القيد إما إلى أصالة الإطلاق المنتهية إلى إثبات أصل العلية، أو إلى أصالة الإطلاق المنتهية إلى الاستقلال في العلية، أو إلى أصالة الانحصار، ولا مرجح لكون أحدهما المعين مرجعا للقيد المزبور.
ولكن كما أن ظهور القضية في أصل علية المقدم بالنسبة إلى التالي - الذي هو حكم شرعي - محفوظ كما عرفت (2)، كذلك ظهور القضية بالنسبة إلى أصالة الاستقلال محفوظ، ولا موجب لسريان الإخلال إليه، ولا يجوز بعد كون منشأ المكاذبة هو الظهور الثالث لها، وهو ظهورها في الانحصار، ولا يبقى حينئذ لدعوى العلم الاجمالي محل ولا مقام، فافهم وتأمل تأملا تاما، فإنه من مزال الأقدام.
وهم ودفع ربما يخطر بالبال أن يقال: بأن ما يتراءى في كلماتهم من الإطلاقين - الإطلاق المنتهي إلى إثبات العلية التامة، والإطلاق المنتهي إلى إثبات الانحصار - أو ثلاثة إطلاقات، أو ثلاث أصالات - أصالة العلية، أصالة الاستقلال، وأصالة الانحصار - أو أكثر من ذلك (3)، كله خال من التحصيل، وليس هناك إلا إطلاق واحد ومقدمات واحدة، منتهية إلى أن الشرط هي العلة التامة، ولا شئ آخر يكون علة.
فكما أن في قولك: " أعتق رقبة مؤمنة " لا تنعقد ثلاث مقدمات للإطلاق،