وفيه أولا: أنك قد عرفت منا في بعض التنبيهات السابقة (1)، إمكان التصريح بالعلة في القضية الشرطية، وهو يورث سقوط القضية عن إثبات المفهوم بالقضية الشرطية، ويشهد على أن استناد التالي إلى المقدم بالعلية، يكون بالإطلاق وعدم التصريح بالعلة.
وما هو الدليل الوحيد عندي في استناد التالي في القضايا الشرطية الشرعية إلى المقدم، هو كون التالي حكما إنشائيا، لا إخباريا، وعلى هذا ليست القرينة المزبورة إلا عدم التصريح بالعلة الواقعية.
فتوهم الدلالة الوضعية للأداة (2) والهيئة (3) وغيرها لإثبات أصل العلية، غير راجع إلى المحصل.
نعم، لو قلنا: بأنها موضوعة لها يتعين ذلك، كما لو قلنا بأنها موضوعة لإفادة العلية المنحصرة الأعم من الانحصار الحقيقي - بناء على إمكان مثل ذلك الوضع - لا يلزم من التصرف المزبور مجازية وتصرف في أصالة الحقيقة.
وهكذا إذا قيل: بأن مقتضى الانصراف هو انحصار العلة على الوجه الأعم من الحقيقي، فإنه لا يلزم منه القصور في الانصراف المدعى في المسألة، خلافا لما في " تهذيب الأصول " (4) والأمر سهل جدا.
وثانيا: لنا أن نقول، بأن استفادة العلية بالإطلاق دون الانحصار، فإنه مستند إلى القاعدة العقلية، فيتعين التصرف في ناحية الإطلاق المنتهي إلى إثبات العلية، دون ما يثبت به الانحصار.