لا سبيل إلى الأول، لأن قضية الإطلاق المنتهي إلى أن خفاء الأذان تمام العلة، أو تمام الموضوع لوجوب القصر، باق على حاله، وهكذا في ناحية خفاء الجدران، فلا معنى لتقييد هذا الإطلاق ومعناه وجوب القصر عند كل واحد من الخفاءين، وتصير النتيجة " إذا خفي الأذان أو الجدران فقصر ".
وبعبارة أخرى: العطف ب " الواو " محتاج إلى التقييد، وهو خلاف الأصل، والعطف ب " أو " قضية انفصال القضيتين بحسب الورود في الشريعة، فيتعين الثاني بالضرورة.
فبالجملة: مع عدم الإقرار بالمفهوم فيما نحن فيه، لا سبيل إلى توهم تقييد كل من المنطوقين بالآخر، فيكون كل من المقدمين جزء العلة.
نعم، هنا احتمال ثالث يشترك فيه هذه المسألة والمسألة الآتية، إلا أن تقديمه هنا أولى، حتى يتمحض البحث في الآتية حول كيفية الجمع بين المفهومين والمنطوقين، وذلك الاحتمال هو أن تكون وحدة الجزاء شاهدة على وحدة العلة حسب النظر العرفي، أو قاعدة امتناع صدور الواحد من الكثير، وتصير النتيجة: أن ما هو السبب المنتهي إلى القصر أمر واحد، وإليه طريقان:
أحدهما: خفاء الأذان.
وثانيهما: خفاء الجدران.
ولو أمكن المناقشة في التمسك بالقاعدة المعروفة ولكن سد فهم العرف هنا - كما صدقه الأستاذ العلامة البروجردي (1) والعلامة جدي المحشي (2) - مشكل، وقد كنا في الفقه نؤيد ذلك، بل اخترناه على ما ببالي في تحريراتنا الفقهية (3).