ولكن هذا الإطلاق ليس مورد البحث والنظر في كلمات المحققين، لأنه لا يلزم من المعارضة المزبورة تصرف فيه وإخلال بأصالة الإطلاق في ناحيته، لانحفاظ مقدماته.
اللهم إلا أن يقال: بأنه ليس لفهم العلية المنحصرة المقدمات الكثيرة ومبادئ الحكمة العديدة، بل هي مفاد واحدة منها، فلاحظ وتدبر جيدا.
ثالثها: في لزوم حمل بعض الشرطيات على العلية التامة ربما يتعين في بعض القضايا الشرطية المتكاذبة، حملهما على العلية التامة، لأمر خارج عن الصناعة في المقام، وذلك فيما إذا لم يمكن أن يكون كل واحد منهما جزء العلة، لما بينهما من التقابل المانع عن اجتماعهما.
مثلا: إذا ورد " أن الماء إذا كان جاريا فهو معتصم " وورد " أنه إذا كان ماء بئر فهو معتصم " فإنه لا يمكن أن يكون كل من البئر والجاري جزء العلة، لما لا يمكن اجتماعهما، فحينئذ يتعين حملهما على أن كل واحد علة تامة، كما لا يخفى.
نعم، ربما توجد القرينة الخارجية على أن كل واحد منهما مصداق لموضوع ثالث، فإنه يخرج عن الجهة المبحوث عنها في المقام، وذلك أيضا في المثال المذكور فإن المحرر منا في الفقه أن ما هو المعتصم حقيقة هو الماء ذو المادة، والبئر والجاري ليسا بما هما البئر والجاري غير معتصمين، بل هما بما أنهما ذوا مادة معتصمان، وتفصيله في محله (1).