كون النهي مفيدا للحرمة في أمثال المقام.
وهذا مما يشهد عليه الوجدان، ويصدقه العرف الدقيق. ولا يحمل قوله المصرح به على أنه ليس مفهوم الجملة الأولى، أو يكون لنفي ما يحكم به العقل، وهو الحكم الشخصي.
ولعمري، إن هذا هو أمتن الوجوه العرفية التي تمسك بها مثل الشيخ (قدس سره) في " طهارته " (1)، وتبعه " تهذيب الأصول " (2) وتمسك به " الدرر " (3) والعلامة النائيني (4) (رحمهما الله) والأمر سهل.
ومن الثاني: ما ذكرناه (5)، وربما يستظهر من العلامة المحشي الأصفهاني (قدس سره) (6): وهو أن قضية إثبات العلية المنحصرة نفي الأحكام المماثلة للحكم المذكور في التالي، وإلا يلزم كونه لغوا أو خلفا، ضرورة أن كل معلول شخصي علته وحيدة طبعا ومنحصرة عقلا.
مثلا: حرارة الماء الموجود في القدر علتها إذا كانت النار، فهي وحيدة ومنحصرة، ولا داعي إلى إثبات حصرها، لأنها واقعية ثابتة بالضرورة، فإذا أريد إثبات انحصار علة حرارة الماء، فلا يكون المقصود إلا أن سائر الموجبات للحرارة ليست قابلة لتسخين الماء، فيكون الغرض نفي العلل الأخرى عند وجودها عن التأثير فيه، ونفي الحرارة عن الماء إلا عند ثبوت النار.