مثلا: قوله (عليه السلام): " إذا كان الماء قدر كر لا ينجسه شئ " إذا كان ظاهرا حسب الإطلاق في أن كلما تحققت الكرية في الخارج يثبت للماء الاعتصام، فمعنى ذلك أن الجريان السابق على الكرية لا ينفع، ولا يوجب الاعتصام، لأن الكرية المتأخرة تستتبع الاعتصام، ولا يمكن أن يتعدد الاعتصام بتعدد الأسباب والخصوصيات، فيثبت نفي الاعتصام عند خصوصية الجريان وغيره، ولا نعني من المفهوم إلا ذلك كما لا يخفى.
وأما القضايا الشرطية التي لا يكون المقدم منحلا إلى القضية الحقيقية، أو يكون الحكم في التالي قابلا للتكرار بحسب الطبع، فلا يثبت فيها المفهوم.
مثلا: في قولهم " إن استطعت فحج " إذا لم يكن المستفاد منه قضية حقيقية وهو قولك: " كلما تحققت الاستطاعة يجب الحج " ضرورة أن الحج لا يجب إلا بأول وجودها، فإنه حينئذ لا يمكن نفي ثبوت الحج بسبب آخر غير الاستطاعة، كالنذر حال التسكع.
وهكذا في المثال المعروف " إن جاءك زيد فأكرمه " فإن المستفاد من المقدم ولو كان قضية حقيقية، ولكن لمكان إمكان تعدد الحكم بالخصوصيات المتعددة، لا يمكن إثبات المفهوم بنفي الحكم عند تلك الخصوصيات، ضرورة أن القضية الحقيقية هنا باقية على حالها، ومستتبعة للحكم دائما، من غير تناف مع استتباع الخصوصية الأخرى لمماثل الحكم المذكور.
فقوله: " كلما تحقق المجئ يتحقق وجوب الإكرام " باق على حاله، سواء سبقت الخصوصية الأخرى، أو لم تسبق، لأن مع سبق الخصوصية الأخرى يلزم وجوب الإكرام الآخر ووجوب ثان، ومن لحوق المجئ يلزم الوجوب الآخر غير ذلك الوجوب شخصا، كما لا يخفى.