هذه الأعصار، وعدم ثبوت السيرة السالفة على التخصيص بغير المحفوف بالقرينة.
ثالثها: إنكار كون الخاص مقدما على العام بالتخصيص، فإنه يقدم عليه بالحكومة، وذلك لأن دليل سند الخاص - ولو كان ضعيفا - قرينة على التصرف في أصالة العام، ولا عكس، فلا موقف لتخصيص الكتاب. وأما الحكومة عليه فلا بأس بها قطعا (1).
وفيه ما مر في البحث السابق (2)، وتفصيله في التعادل والترجيح، وإجماله أن الحكومة متقومة باللسان، ولا لسان لأدلة حجية السند إلا بناء العقلاء عملا والسيرة العرفية. هذا أولا.
وثانيا: مصب المعارضة هي المداليل والمتون عرفا، ولا يجوز صرف مصب التخالف والتكاذب إلى ما يحلله العقل، ولذلك ترى أن في محيط القوانين العرفية، لا يلاحظ إلا متون القوانين، فلا تغفل.
وثالثا: لو أمكن أن يكون دليل سند الخاص قرينة على أصالة العموم، فعكسه ربما يعد أولى لأخصيته، فليتدبر جيدا.
ثم تحصل: أن للمناقشة فيما اشتهر من جواز تخصيص الكتاب بالواحد المجرد (3)، وجها أو وجوها قوية جدا، فلا يغرك الأمر، فإنه نهي عن الغرر، وتبين في خلال البحث إمكان المناقشة بالنسبة إلى السنة القطعية أيضا (4)، إلا أن لدعوى الفصل بينها وبين الكتاب وجها وجيها.