فبناء على هذا يتم الاستدلال بها على منع حجية الخبر الواحد غير المحفوف بالقرينة إذا كان مخالفا للكتاب، أو كان غير موافق له، ضرورة أن المراد من " غير الموافق " ما يرجع إلى المخالف، لا إلى الطائفة الأولى، فلا تخلط.
فتحصل: أن لإمكان منع تخصيص الكتاب بالخبر الواحد غير المحفوف بالقرينة، وجها قويا جدا، وسر ذلك انصرافها عن المتواتر وعن المحفوف بالقرينة، وذلك لسبق تخصيص الكتاب بهما. بل لو كانوا يخصصونه بالخبر الواحد، ولكن هذه المآثير بصدد توجيه المحدثين إلى صرف الوقت في تشخيص المدسوس من غيره، فإن المتواتر والمحفوف بالقرينة بعيد عن الدس، بخلاف الواحد غير المحفوف، فلاحظ جيدا. وإنما الشأن في عدم إمكان العثور على مثله في هذه العصور، لاحتفافه بالقرائن كما أشير إليه (1).
وربما يؤيد ذلك ما في حواشي جدي العلامة - مد ظله -: " من أن الكذابين على الأئمة (عليهم السلام) بالأخبار الموضوعة، لم يكذبوا عليهم بما يخالف الكتاب والسنة صريحا، إذ لا يصدقهم أحد في ذلك، بل كانوا يكذبون عليهم بما يخالف الكتاب والسنة مخالفة العام والخاص، والمطلق والمقيد، وأمثال ذلك مما يصدر عنهم أحيانا، حتى يكون قابلا للقبول " (2) انتهى.
إن قلت: يجوز حمل هذه الأخبار على المخالف بالبينونة، وأنه المخالف في محيط التشريع والتقنين، لا العام والخاص وأمثالهما (3)، كما أشير إليه (4).