يجب عرضه عليه، ثم يؤخذ بالموافق، ويطرح المخالف أو غير الموافق. وهذه الطائفة إما ترجع إلى الأولى، أو الثانية، أو يحمل الموافقة والمخالفة فيها على الموافق والمخالف في محيط التقنين والتشريع، لا في محيط التأليف والتصنيف، فيكون الخاص والمقيد موافقا وغير مخالف، ويكون المراد من " الموافق " ما يكون وفقا ويوافق الكتاب وقابلا لذلك، أو يراد من " الموافق " غير المخالف.
فبالجملة تحصل: أن من هذه الطوائف الثلاث لا يلزم طرح الطائفة الرابعة بالمرة، وهي ما تدل على أن الخبر المخالف زخرف (1)، فإن هذه الأخبار قابلة للمنع عن حجية الخبر الواحد غير المحفوف بالقرينة.
وإن شئت قلت: ليست هنا إلا طائفة واحدة، والثالثة والرابعة ترجعان إليها في الحقيقة، ويصير مضمون الكل: أن حجية الخبر مرهونة بالاحتفاف بالقرينة وبالتواتر وما بحكمه كالاستفاضة، ضرورة أن هذه الأخبار لو سيقت للمنع عن خبر الواحد، فلا بد وأن لا تشمل نفسها، ويكون هو - لمكان كثرتها - دليلا على انصرافها عن المحفوف بالقرينة والمتواتر وما بحكمه.
فلا يتوجه إليها ما وجهه الأصوليون: من أن إباءها عن التخصيص، دليل على اختصاصها بغير هذه المواقف، فتكون محمولة على الأخبار في الأصول الاعتقادية، أو غير ذلك من المحامل الممكنة (2).
وبالجملة: حملها على المخالفة بالتباين (3) خلاف إطلاقها، وحملها على الأصول الاعتقادية (4) أيضا خلاف إطلاقها. مع أن الاعتقاديات لا تنال من الأخبار والآيات.