وأما بالنسبة إلى البحوث الاخر اللفظية واللغوية والعقلية، فلأن صفة الإطلاق والتقييد، وبحث المطلق والمقيد، من البحوث العقلية العقلائية، ومن الانتزاعيات عن الأفعال الاختيارية، كما يأتي تفصيله عند ذكر مقدمات الحكمة (1)، ضرورة أن الإطلاق ينتزع من جعل المقنن شيئا موضوعا لحكمه، وبما أنه فعله الاختياري يكون هو موضوع حكمه، ولا شئ آخر دخيل فيه، وإلا فبما أنه مختار ومريد وذو غرض، فعليه جعل قيد له من القيود الراجعة إلى التنويع، أو التصنيف، أو كان يرجع إلى التوصيف، كتقييد الأعلام الشخصية، فإن الكل مشترك في الاندراج تحت التقييد.
وعلى كل حال: ليسا من أوصاف الألفاظ حتى يصح البحث اللغوي، ولا من الاعتبارات العقلية، كاللا بشرطية، والبشرط لائية، حتى ينفع تلك المباحث العقلية، فعليه يسقط جميع ما صنعوه في هذه المباحث، ويتبين أجنبيتها عن بحوث المطلق والمقيد، وأنه لا ثمرة في ذلك، وتبين أيضا أن عد مباحث المطلق والمقيد من مقاصد البحوث اللفظية، في غير مقامه، فإنه أشبه بالبحوث العقلية.
أقول أولا: إن من ثمرات المباحث الأصولية تقديم العام على المطلق عند المعارضة، وعلى هذا لا بد من تعريف المطلق حتى يعلم حقيقته.
اللهم إلا أن يقال بعدم تقديمه عليه، وهو القول الفصل والرأي الجزل، ولا ينافيه ذهاب جمع إلى التقديم المذكور (2)، ويكفي ذلك ثمرة للبحث كما لا يخفى، فلا ينبغي الخلط.
وثانيا: من ثمرات البحوث الأصولية القاعدة المعروفة وهي " أن كلما امتنع