ناحية المنطوق يثبت أن كل نجس لا ينجس الماء الكثير بالفعل، وأما في ناحية المفهوم فلا يثبت إلا نفي الفعلية، وأما إثبات الفعلية المضادة للفعلية الثابتة في المنطوق، فهو أمر خارج عن عهدة المفهوم.
إذا تبينت هذه الاحتمالات في هذه الجهة، فلنعد إلى ما هو التحقيق في المسألة بحسب التصديق.
فنقول: أما مختار المحشي الأصفهاني فيوجه بأن القضية السالبة الكلية تنعكس جزئية وبالعكس، وسيظهر فساد ذلك وأنه تمسك في غير محله.
وأما مختار الشيخ (رحمه الله) فيوجه في المسألة الكلية بوجه سنشير إليه، وأما في خصوص القضية الواردة في الماء الكر فسنذكر الكلام حولها في جهة خاصة بها (1)، وذلك الوجه ما ذكرناه في الجهة الأولى: وهو أن القضايا السوالب الكلية ربما تنعكس كلية، قضاء لحق الدليل القائم عليها، وأما انعكاسها جزئية فهو لأجل ضرب القانون الكلي، ولعدم الدليل على صدق الزائد عليها.
مثلا: إذا قيل " كل عقل مجرد " فعكسه الصحيح هو " بعض المجرد عاقل " وأما إذا قام الدليل فينعكس كليا لأجله.
وفيما نحن فيه ليس النظر إلى الاستظهار من القضية غير المذكورة، ضرورة أن تلك القضية استنباطية، ربما تختلف الأنظار والأفهام في فهمها، وقد تحرر وتقرر:
أن المفهوم تابع المنطوق، أي لا يكون المفهوم إلا تابعا للدليل القائم عليه، والبرهان الذي يستتبعه ويقتضيه، والذي أسس بنيانه في المنطوق.
فجعل محور الكلام حول أن المفهوم من قوله: " إذا جاءك زيد فلا تكرم أحدا " هل هو قوله: " أكرم واحدا " أو قولك: " ليس لا تكرم أحدا "؟ خروج عن