وإنما الإشكال فيما إذا قصد القيود الذهنية الواردة على الطبيعة، كما إذا قصد حين الغسل الجمعة والجنابة ومس الميت والزيارة وهكذا، أو القيود الذهنية الواردة على طبيعة الجزاء فيما يكون السبب متعددا بالشخص، فإنه ربما يمكن أن يقال بالتداخل، وذلك لأن المكلف يتمكن من أن يجيب عن كل أمر، فإن أمر " اغتسل للجمعة " لا يدعو إلا إلى طبيعة الغسل مع قصد، وهو قد امتثله، وهكذا سائر الأوامر.
هذا إذا تعدد السبب نوعا واضح.
نعم، إذا تعدد السبب شخصا فيمكن دعوى: أن كل فرد من السبب يدعو إلى فرد من طبيعة الجزاء، وهو لا يحصل إلا بتكرار الوضوء بحسب الخارج.
وبالجملة: لا يبعد دعوى جواز التداخل في صورة تعدد السبب نوعا، لما أنه لا يكون الجزاء إلا نفس الطبيعة المتقيدة، وقد امتثل المكلف أمرها، وأما في صورة تعدد السبب شخصا فلا بد من تعدد المسبب شخصا، وهو لا يعقل إلا بتعدد المصداق الخارجي، ولا يكفي المصداق الواحد، فليتأمل جيدا. هذا كله فيما كان تقييد الجزاء على نعت التباين.
وفيما إذا كان على نعت العموم من وجه وغير التباين فتارة: يتكلم عن جواز هذا النحو من التقييد. وأخرى: في تداخل المسببات.
أما في جوازه فالظاهر ذلك، لأنه لا دليل على لزوم كون القيد الوارد على الجزاء في مثل: " إذا أفطرت أعتق رقبة " و " إذا ظاهرت أعتق رقبة " موجبا لتباين الجزاءين، لأن وجه التقييد هو العقل، وهو لا يقتضي أزيد من ذلك.
وأما في تداخلها، فالتفصيل الذي عرفت منا هناك يأتي هنا، وهو ما إذا تعدد السبب نوعا، فلا يقتضي كل سبب إلا طبيعة عتق الرقبة الهاشمية، وطبيعة عتق الرقبة العالمة، وفي صورة التصادق على واحدة يلزم سقوط الأمرين، لتمامية الجواب بالضرورة.