من العلية الثابتة في المنطوق للشرط بالنسبة إلى الجزاء (1).
فالأمر هنا كذلك، فإن قضية مقدمات الحكمة هو أن مجئ زيد علة مثلا لتحريم إكرام كل عالم على سبيل العام المجموعي، والمفهوم عندئذ وإن كان ظاهرا في العام الاستغراقي والأصولي، ولكنه غير مأخوذ به بالضرورة، فكما أنه في جانب الهيئة لا يكون مفادها إيجاب الإكرام، بل مفادها تابع لما ثبت في المنطوق، كذلك مفاد المادة.
فإذا قيل: " إن جاءك زيد فلا تكرم كل عالم " وقلنا إنه ظاهر في العام المجموعي بحسب المنطوق، فمفهومه حسب ظاهر اللفظ " إن لم يجئك فأكرم كل عالم " وهو ظاهر بالضرورة في وجوب إكرام كل واحد من العلماء على سبيل العام الاستغراقي، ولكن لا سبيل إلى التمسك بهذا الظاهر المولود من القضية اللفظية، ولا يكون مفاد هيئة " أكرم " إيجابيا، ولا مفاد " كل عالم " عموما استغراقيا، للزوم خروج المفهوم عن تبعية المنطوق، ويكون حينئذ جملة مستقلة في الإفادة والاستفادة، وهو غير صحيح.
فما هو المفهوم واقعا للقضية المزبورة " إن لم يجئك فلا يحرم إكرام مجموع العلماء " وأما في مقام الظاهر فالمفهوم خلافه، لأنه يصير هكذا " وإن لم يجئك زيد فأكرم كل عالم " فافهم واغتنم، وكن على بصيرة.
ومن هنا يظهر: أن ما اشتهر في كلماتهم صدرا وذيلا " من أن المفهوم والمنطوق متفقان في جميع المواد، ومختلفان في السلب والإيجاب " (2) غير تام، بل المفهوم تابع لدليله وسببه، ولا ينظر إلى المواد المأخوذة في ظاهر القضية، للزوم