ويدل على القول المشهور جملة من الأخبار: منها - ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي (1) قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل جعل لله عليه شكرا أن يحرم من الكوفة؟ فقال: فليحرم من الكوفة وليف لله بما قال ".
أقول: لصاحب المنتقى هنا كلام في صحة الخبر المذكور بعد أن حكى حكم الأصحاب بصحته، فليرجع إليه (2) من أحب الوقوف عليه.
وعن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) (3) قال: " سمعته يقول: لو أن عبدا أنعم الله عليه نعمة أو ابتلاه ببلية فعافاه من تلك البلية فجعل على نفسه أن يحرم بخراسان كان عليه أن يتم ".
وفي الصحيح عن صفوان عن علي بن أبي حمزة (4) قال: " كتبت إلى أبي عبد الله (عليه السلام) أسأله عن رجل جعل لله عليه أن يحرم من الكوفة؟
قال: يحرم من الكوفة ".
ومن هذه الأخبار يعلم الجواب عن ما احتجوا به من أن النذر غير مشروع فإنه بعد ورود الأخبار بذلك لا وجه لدفع مشروعيته. وبالجملة فإن قول ابن إدريس هنا جيد لولا ورود هذه الأخبار المذكورة. وأما قوله -: ولو أنعقد بالنذر كان ضرب المواقيت لغوا - فقد أجاب عنه في المنتهى بأن الفائدة غير منحصرة في ذلك بل ههنا فوائد أخرى: منها - منع تجاوزها من غير احرام، ومنها - وجوب الاحرام منها لأهلها لغير الناذر. ثم قال: وبالجملة فالكلام ضعيف من الجانبين فنحن في هذا من المتوقفين، والأقرب ما ذهب إليه الشيخان عملا برواية الحلبي فإنها صحيحة. انتهى.