تلك المشاق التي لا يجب عليه تحملها.
وإنما ذكر ذلك احتمالا ولم يجزم به، لامكان أن يقال: إن النهي هنا إنما هو عن وصف خارج عن النسك، فلا يلزم اتحاد متعلق الأمر والنهي الذي هو محل الاشكال.
وحينئذ فقول السيد (قدس سره) - بعد تنظره في الفرق: " والمتجه أنه إن حصلت الاستطاعة الشرعية... إلى آخره " - خروج عن محل البحث، فإن محل البحث إنما هو بالنسبة إلى وجوب الحج على هذا البعيد من بلده وهذه الشروط إنما بنيت على ذلك، وكلمات الأصحاب والأخبار قد اتفقت على أن وجوب الحج عليه مشروط بهذه الشروط التي نحن في البحث عنها، ومنها الزاد والراحلة والسلامة من المرض والأمن في الطريق من العدو ونحوها، وقد صرح الأصحاب - كما عرفت من كلام التذكرة - بأنه لو تكلف الحج وخاطر بنفسه وتحمل المشقة التي لم يكلف بها، فإنه وإن صح حجه إلا أنه لا يجزئه عن حج الاسلام، من حيث عدم حصول شرط الوجوب، بعين ما قالوه في المتسكع الذي لا يملك زادا ولا راحلة. وشيخنا الشهيد يقول بصحة الحج واجزائه ويجعله من قبيل تكلف تحصيل الزاد والراحلة الغير الواجبين عليه لا من قبيل المتسكع الغير المالك لهما.
بل ظاهر كلامه في المدارك يرجع إلى ما ذكره شيخنا الشهيد (قدس سره) فإنه متى كان اعتبار الاستطاعة إنما هو من الميقات فعلى هذا لو تحمل المشقة وارتكب الخطر الذي لم يكلف به بل نهى عنه حتى وصل الميقات، فإنه يجب عليه الحج ويجزئ عنه، مع أن الأصحاب لا يقولون بذلك كما عرفت من كلام التذكرة، وهو ظاهر كلام غيره أيضا، لما صرحوا به في الزاد والراحلة اللذين هما من جملة الشرائط.