قال أبو محمد رضي الله عنه: لا حجة لهم في هذا لأنه ليس في هذا الخبر انها قصدت بذلك قصد دية وجبت عليها فزيادة ذلك عليها كذب لا يحل وإنما هي صدقة تصدقت بها، ولا يختلف المالكيون في أن القتل ليس إلا عمدا أو خطأ فإن كان قتلها له خطأ فليس فيه انها كفرت بعتق رقبة وهي المفترضة في القرآن لا الاثني عشر ألف درهم وإن كان قتلها له عمدا فهم لا يختلفون في أنه لا دية في العمد إنما هو القود أو العفو أو ما تراضوا عليه، ولا شك في أنها رضي الله عنها لم تراض مع عصبة الجنى على الاثني عشر ألف درهم فبطل أن يكون للدية ههنا مدخل وإنما هي أحلام نائم لا يجوز أن تشرع بها الشرائع، والأظهر انها من حديث النفس فصح انها صدقة تطوع منها رضي الله عنها فقط لا يجوز غير ذلك أصلا، وموهوا بما روينا من طريق إسماعيل بن إسحاق نا إبراهيم بن الحجاج نا عبد الوارث بن سعيد التنوري نا حسين المعلم عن عمرو بن شعيب ان عمر بن الخطاب جعل الدية على أهل الذهب ألف دينار وهذا منقطع. ومن طريق وكيع نا سفيان الثوري عن أيوب بن موسى عن مكحول قال: توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم والدية ثمانمائة دينار فخشي عمر من بعده فجعل الدية اثنى عشر ألفا والف دينار * قال أبو محمد رضي الله عنه: نشهد بشهادة الله عز وجل ان هذا كذب موضوع وقد أعاذ الله تعالى عمر رضي الله عنه من أن يبدل ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مستقر الحكم ثم مات أبو بكر رضي الله عنه عليه، وأحمق الحمق قول من وضع هذا الخبر فخشي عمر بن بعده فجعلها ألف دينار واثنى عشر ألف درهم ليت شعري ماذا خشي ممن بعده وكيف خشي من بعده ان ترك الدية ثمانمائة دينار ولم يخش من بعده إذ بلغها ألف دينار أو اثنى عشر ألفا هل في النوك أكثر من هذا الكلام؟ ما شاء الله كان لقد كيدت ملة الاسلام من كل وجه ويأبى الله الا ان يتم نوره، وتالله لو جاز لعمر ان يزيد فيما مضى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بعده لتجوزن لمن بعد عمر الزيادة على فعل عمر قطعا بل الزيادة على حكم عمر أخف من الزيادة على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكم أبى بكر بعده، ونحن نبرأ إلى الله تعالى من هذه الضلالة، وهذا عيب المرسل فتأملوه * ومن طريق حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد الأنصاري ان عمر ابن الخطاب لما رأى أثمان الإبل تختلف قال: لأقضين فيها بقضاء لا يختلف فيه بعدي فقضى على أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الورق اثنى عشر ألف درهم * قال أبو محمد رضي الله عنه: لم يولد يحيى بن سعيد الأنصاري إلا بعد موت عمر
(٣٩٥)