قال أبو محمد رضي الله عنه: وهذا قياس والقياس كله باطل، ثم نعكس عليهم قياسهم الفاسد فنقول لهم: لما صح عندكم أن الدية تكون من غير الإبل وجب أن تكون من كل شئ إلا مما اتفقتم على أن لا تكون منه، وأيضا فان الإبل حيوان تجب فيه الزكاة وقد صح أن الدية تكون منها فوجب أن يقاس عليها البقر والغنم لأنهما حيوان يزكى، والحق من هذا هو أنه لما صح ان الدية لا تكون من الخيل ولا من الحمير ولا من العروض وجب أيضا أن لا تكون من الذهب ولا من الفضة ولا مما عدا ما جاء به النص والاتفاق، والعجب أن الحنيفيين يقولون: ان ضعيف الأثر أولى من القياس وههنا نقضوا هذا الأصل الذي صححوه وشغب المالكيون منهم بآثار نذكرها إن شاء الله تعالى، وهي أثر رويناه من طريق زيد بن الحباب العكلي نا محمد بن مسلم الطائفي عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قضى بالدية اثنى عشر ألف درهم * قال أبو محمد رضي الله عنه: محمد بن مسلم الطائفي ساقط لا يحتج بحديثه * ومنها أثر رويناه من طريق أحمد بن شعيب انا محمد بن ميمون نا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة سمعت مرة يقول عن ابن عباس " ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باثني عشر ألف درهم " - ويعني في الدية - * قال أبو محمد رضي الله عنه: هذا لا حجة فيه لان قوله في الخبر المذكور - يعنى في الدية - ليس من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في الخبر بيان انه من قول ابن عباس فالقطع بأنه قوله حكم بالظن والظن أكذب الحديث فإن كان من قول من دون ابن عباس فلا حجة فيه، وقد يقضى عليه الصلاة والسلام باثني عشر ألفا في دين أو في دية بتراضي الغارم والمقتضى له فان ليس في هذا الخبر بيان انه قضاء منه عليه الصلاة والسلام بأن الدية اثنا عشر ألف درهم فلا يجوز أن يقحم في الخبر ما ليس فيه، والقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظن كذب عليه، وهذا يوجب النار ونعوذ بالله مما أدى إليها، والذي رواه مشاهير أصحاب بن عيينة عنه في هذا الخبر فإنما هو عن عكرمة لم يذكر فيه ابن عباس كما رويناه من طريق عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة قال: قتل مولى لبنى عدى بن كعب رجلا من الأنصار فقضى النبي صلى الله عليه وسلم في ديته باثني عشر ألفا.
والمرسل لا تقوم به حجة * وذكروا أيضا ما رويناه من طريق الأوزاعي عن عمرو ابن سعيد عن يزيد الرقاشي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لان أجلس مع قوم يذكرون الله عز وجل من بعد صلاة العصر إلى أن تغيب الشمس أحب إلى من أن أعتق ثمانية من ولد إسماعيل دية كل واحد منهم اثنا عشر ألفا " *