يؤذنوا بحرب فذكر كلاما وفى آخره " فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة ناقة أدخلت عليهم الدار فلقد ركضتني منها ناقة حمراء " * قال أبو محمد رضي الله عنه: فصح أن الدية مائة من الإبل، هذا حكم منه عليه الصلاة والسلام في دية حضري ادعى على حضريين لافى بدوي فبطل أن تكون الدية من غير الإبل، وأيضا فقد صح ان الاجماع متيقن على أن الدية تكون من الإبل واختلفوا في هل تكون من غير ذلك والشريعة لا يحل اخذها باختلاف لا نص فيه، فان قيل فما وجه اعطائه صلى الله عليه وسلم الدية في هذا الخبر من إبل الصدقة ولم يدعى القتل إلا على يهود قلنا: وجه ذلك بين لاخفاء به، وهو أن عبد الله بن سهل رضي الله عنه قد صح قتله بلا شك ثم لاشك في أنه قتل عمدا أو خطأ لابد من أحدهما والدية واجبة في الخطأ بكل حال بنص القرآن وواجبة في العمد إذا بطل القود لما قدمنا من أن لوليه القود وقد بطل أو الدية وهي ممكنة والقود ههنا قد بطل لأنه لا يعرف قاتله فصحت الدية فيه بكل حال، ثم لابد ضرورة من أن يكون قاتله مسلما أو غير مسلم، ولسنا على يقين من أن قاتله غير مسلم والناس كلهم محمولون على الاسلام حتى يصح من أحد منهم كفر لقول الله عز وجل: (فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها) ولقوله عز وجل: (وإذ اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا ان تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين) ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت عنه: " كل مولود يولد على الملة وعلى هذه الفطرة حتى يكون أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه ويشركانه " وللخبر الثابت عن عياض بن حمار المجاشعي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله تبارك وتعالى أنه قال: " خلقت عبادي كلهم حنفاء فاجتالتهم (1) الشياطين عن دينهم " وقد ذكرنا كل ذلك باسناده في كتاب الجهاد وغيره، فالواجب ان يحمل قاتل عبد الله على الاسلام ولابد حتى يوقن خلافه ثم إن كان قاتل عبد الله قتله خطا فالدية على عاقلته وإن كان قتله عمدا فالدية في ماله فهو غارم أو عاقلته وحق الغارمين في الصدقات بنص القرآن، قال الله عز وجل: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعالمين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله) فصح بهذا ما قلناه يقينا * وممن روى عنه ان الدية في الإبل كقولنا ولم يرو عنه غير ذلك فطائفة كما روينا من طريق
(٣٨٩)