لا في رواية صحيحة ولا سقيمة فإذ لا سبيل إلى وجود هذا أبدا فقد صح أنه عليه الصلاة والسلام لما أعتقت بريرة خيرها في البقاء مع زوجها أو فراقه فهذا لا شك فيه فلا يجوز تعديه ولا زيادة حكم فيه، ولا فرق بين من ادعى أنه عليه الصلاة والسلام إنما خيرها لأنه كان عبدا وبين آخر ادعى أنه لم يخيرها الا لأنه كان اسود وبين ثالث ادعى أن تخييرها إنما كان لان اسمه مغيث، وكل هذه ظنون كاذبة لا يحل القول بها ولا الحكم بها وإنما الحق أن المعتقة خيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين فراق زوجها والبقاء معه ولا مزيد فواجب ان تخير كل معتقة ولا مزيد وبالله تعالى التوفيق، ومما اختلف فيه هل ينقطع خيارها بوطئ زوجها لها أم لا؟ فروينا من طريق حماد بن سلمة عن خالد الحذاء عن أبي قلابة أن عمر بن الخطاب قال في أمر بريرة ان غشيها زوجها فلا خيار لها وهذا منقطع، ومن طريق حماد بن سلمة عن قتادة عن سليمان بن يسار قال: أعتقت حفصة أم المؤمنين جارية يقال لها زبراء ثم قالت لها اعلمي أنه ان وطئك فلا خيار لك، وبه كان يقول سليمان بن يسار، وصح عن قتادة والزهري ونافع مولى ابن عمر، وذهب آخرون إلى أنها ان وطئها وهي لا تعلم أن لها الخيار لم يسقط بذلك خيارها وان علمت فقد سقط خيارها، روينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن خالد الحذاء عن أبي قلابة أن عمر بن الخطاب قال إذا جامعها بعد أن تعلم أن لها الخيار فلا خيار لها وهذا منقطع * ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرت عن عبد الله بن عامر بن ربيعة أن ابن عمر قال إن أصابها وقد عرفت فليس لها خيار وان أصابها ولم تعرف فان لها الخيار إذا علمت وان أصابها ألف مرة حتى يشهد العدول أنها قد علمت أن لها الخيار وهذا منقطع، ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرت عن ابن مسعود أنه قال: ان أعتقت عند عبد ولم تعلم أن لها الخيار أو لم تخير حتى عتق زوجها أو يموت أو تموت توارثا، وهذا شديد الانقطاع وبه يقول سعيد بن المسيب، وقول آخر وآخر في درجة، روينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري قال إذا أعتقت وزوجها معها في مجلس وهي تعلم حتى تقوم فلا خيار لها فان ادعت أنها لم تعلم استحلفت ثم خيرت قال سفيان وبه يقول ناس ان لها الخيار ابدا حتى يقفها الامام فيخيرها بلغني هذا عنه * قال أبو محمد: فهذا سفيان الثوري يذكر مثل قولنا عمن معه أو من قبله وقد قال ابن مسعود كما أوردنا أنها قد تبقى معه ولا تختار حتى يموت أو تموت، وقال أبو حنيفة وأصحابه لها الخيار ما لم تعلم فإذا علمت فلا خيار لها الا ما دامت في المجلس
(١٥٧)