المطلب الثاني في وطئ البهائم إذا وطئ البالغ العاقل بهيمة: فإن كانت مأكولة اللحم كالشاة والبقرة والناقة عزر، وذبحت الموطوءة وأحرقت بالنار، وكان لحمها ولحم نسلها حراما، وكذا اللبن، وليس الذبح والإحراق عقوبة لها، لكن لمصلحة خفية، أو للأمن من شياع نسلها وتعذر اجتنابه، واشتباه لحمها لولا الإحراق.
ثم إن لم تكن ملكا للواطئ أغرم قيمتها لمالكها يوم الفعل. وإن كان الأهم منها ظهرها وكانت غير مأكولة بالعادة كالحمير والبغال والخيل لم تذبح، بل تخرج من بلد الفعل وتباع في غيره، لئلا يعير فاعلها بها، والأقرب تحريم لحمها.
ثم إن كانت للواطئ دفع الثمن إليه على رأي، ويتصدق بالثمن الذي تباع به على رأي. وإن كانت لغيره أغرم ثمنها له وقت التفريق، ويتصدق بالثمن الذي تباع به على رأي، أو تعاد على المغترم على رأي.
ولو بيعت في غير البلد بأزيد من الثمن احتمل رده على المالك وعلى المغترم والصدقة.
ولو كان الفاعل معسرا رد الثمن على المالك، فإن نقص عن القيمة كان الباقي في ذمته يطالب به مع المكنة، والنفقة عليها إلى وقت بيعها على الفاعل، فإن نمت فله إن دفع القيمة إلى المالك، وإلا فللمالك على إشكال ينشأ من الحكم بالانتقال إليه بنفس الفعل أو بدفع القيمة، ومن عدم الانتقال مطلقا.
ولو ادعى المالك الفعل كان له الإحلاف، وحرمت المأكولة، وينجس رجيع المأكولة، ويحرم استعمال جلدها بعد الذبح فيما يستعمل فيه جلد غير مأكولة اللحم على إشكال.
ويثبت الفعل بشهادة عدلين، أو الإقرار مرة على رأي ولا يقبل فيه شهادة النساء، منفردات ولا منضمات.
والإقرار يثبت به التعزير والذبح والإحراق، أو البيع في غير البلد إن كانت الدابة له، وإلا ثبت التعزير خاصة.