ولو قطع واحد يده وآخر رجله، فاندملت إحداهما وهلك بالأخرى، فمن اندمل جرحه فهو جارح عليه ضمان ما فعل، والآخر قاتل عليه القصاص في النفس أو الدية، لكن يقتل بعد رد دية الجرح المندمل على إشكال.
ولو مات بهما فهما قاتلان.
فلو ادعى أحدهما اندمال جرحه وصدقه الولي لم ينفذ تصديقه في حق الآخر، فلا يتسلط الولي على الآخر بالقصاص مجانا، ولا بكمال الدية، بل بقدر قسطه بعد يمينه. ويأخذ من الآخر أرش جناية ما صدقه عليه، أو يقتص فيه خاصة.
ولو صدق المدعي الشريك في الجناية لم يلتفت إليه مع تكذيب الولي.
الفصل الثالث في بيان الزهق وفيه مطالب:
الأول في أقسامه وهي ثلاثة: شرط، وعلة، وسبب.
فالشرط: ما يقف عليه تأثير المؤثر، ولا مدخل له في العلية، كحفر البئر بالنسبة إلى الوقوع، إذ الوقوع مستند إلى علته وهي التخطي، ولا يجب به قصاص بل الدية.
وأما العلة: فهو ما يستند الفعل إليه، كالجراحات القاتلة، فإنها تولد السراية، والسراية مولدة للموت.
وأما السبب: فهو ما له أثر ما في التوليد كما للعلة، لكنه يشبه الشرط من وجه، ومراتبه ثلاث:
الأولى: الإكراه، فإنه يولد في المكره داعية القتل غالبا، والقصاص عندنا:
على المباشر خاصة دون الآمر، لأنه قتل عمدا ظلما، لاستبقاء نفسه، فأشبه ما لو قتله في المخمصة ليأكله، ولو وجبت الدية كانت على المباشر أيضا.