ولا فرق بين تقديم الاستثناء مثل: والله إن شاء الله لا أشرب اليوم، وبين تأخيره.
وضابط التعليق بمشيئة الله تعالى أن المحلوف عليه إن كان واجبا أو مندوبا انعقدت، وإلا فلا.
ولو قال: والله لأشربن اليوم إن شاء زيد فشاء زيد لزمه الشرب، فإن تركه حتى مضى اليوم حنث. وإن لم يشأ زيد لم يلزمه يمين، وكذا لو لم يعلم مشيئته بموت أو جنون أو غيبة.
ولو قال: والله لا أشرب إلا أن يشاء زيد فقد منع نفسه (1) الشرب، إلا أن توجد مشيئة زيد، فإن شاء فله الشرب، وإن لم يشأ لم يشرب. وإن جهلت مشيئته لغيبة أو موت أو جنون لم يشرب، وإن شرب حنث، لأنه منع نفسه، إلا أن توجد المشيئة، فليس له الشرب قبل وجودها.
ولو قال: والله لأشربن إلا أن يشاء زيد فقد ألزم نفسه الشرب، إلا أن يشاء زيد أن لا يشرب، لأن الاستثناء والمستثنى منه متضادان، والمستثنى منه إيجاب لشربه بيمينه، فإن شرب قبل مشيئة زيد بر. وإن قال زيد: قد شئت أن لا تشرب انحلت (2)، لأنها معلقة بعدم مشيئته لترك الشرب، ولم تنعدم، فلم يوجد شرطها.
وإن قال: قد شئت أن تشرب أو ما شئت أن لا تشرب لم تنحل، لأن هذه المشيئة غير المستثناة، فإن خفيت مشيئته لزمه الشرب، لأنه علق الشرب بعدم المشيئة، وهي معدومة بحكم الأصل.
والتحقيق أنه إن قصد بقوله: إلا أن يشاء زيد أن لا أشرب فالحكم ما تقدم، وإن قصد إلا أن يشاء زيد أن أشرب فالحكم بضد ما تقدم، والتضاد ثابت هنا أيضا، وإن جهل الأمران احتمل ما تقدم، والبطلان.
ولو قال: والله لا أشرب إن شاء زيد فقال: قد شئت أن لا تشرب فشرب