ولا مانع من أن تكون نجاسة الميت كذلك، أي مجعولة لجهة مرفوعة بالغسل.
ولو قيل: إن الميت ولو كان آدميا مستقذر عرفا، وكان الناس تستقذره وتتجنب منه، ولعله منشأ الحكم بنجاسته، لقلنا: هذا لو صح يوجب بقاء نجاسته حتى بعد الغسل، فلا بد أن يقال بعدم طهارته بالغسل، لا عدم نجاسته بالموت، ضرورة أن التجنب الاحتراز والاستقذار باق بعد الغسل أيضا، والتحقيق أن النجاسة في مثله مجعولة كرافعها، فلا إشكال عقلي في المقام.
وظني أن الاشكالات في خصوص ميتة الآدمي نشأت غالبا من توهم دلالة الروايات على وجوب غسل ملاقيها ولو مع اليبس، فظن أن الميتة ليست كسائر النجاسات المتداولة، فمنهم من التزم بعدم النجاسة ومنهم من التزم بالنجاسة الحكمية، وهو أيضا يرجع إلى الالتزام بعدم النجاسة، فإنه لا معنى للنجاسة الحكمية إلا لزوم ترتب آثارها تعبدا على ما ليس بنجس.
وإن قيل إن المراد بالنجاسة الحكمية هي الجعلية مقابل العرفية والذاتية، قلنا: إن لازمه الالتزام بالنجاسة الحكمية في الكافر والخمر بل الكلب أيضا مع عدم التزامهم بها في سائر النجاسات، فأساس الالتزام بالنجاسة الحكمية وكذا الالتزام بعدم سرايتها إلى ما يلاقيها - فلا ينجس ملاقي ملاقيها - لا يبعد أن يكون البناء على لزوم غسل الملاقي ولو مع اليبوسة، فيقال: إنها لو كان نجسة كسائر النجاسات لكانت نجاسة ملاقيها للسراية كما في سائر أنواعها، وهي لا تتحقق إلا مع الرطوبة، وهذه لازم عرفي للنجاسات، ومع فقده يكشف إما من عدم النجاسة رأسا ولزوم غسل ملاقيه تعبدا لا لتنجسه كلزوم غسل