وأما التأييد باستحباب توضيه فلا يخفى ما فيه، وأما مكاتبة الصفار (1) وإن كان المظنون ضم الغسل فيها لكن دعوى الظهور اللفظي في غير محلها، بل هو ظن خارجي حاصل من بعض الاعتبارات، وهو غير حجة، مع إمكان أن يقال: إنه من البعيد أن يترك جواب السؤال عن نجاسة الميت، وأجاب عن غسل المس، فالأنسب قراءته بالفتح، وإنما ذكر ملاقي البدن لإفادة أن ملاقاة الثوب الذي يلي البدن لا يوجب التنجس، وإنما الموجب له ملاقاة بدنه، مع أن الظاهر منها أن النجاسة كانت مفروغا عنها، وإنما سأل بعد الفراغ عنها عن أمر آخر، فهذا الاحتمال إن لم يكن أقوى فلا أقل من مساواته للاحتمال السابق، فلا تدل الرواية على شئ من طرفي الدعوى.
وأما دعوى أن عدم النجاسة مقتضى الجمع بين صحيحة ابن مسلم والتوقيع الشريف فلا يخفى ما فيه، وسيأتي التعرض للصحيحة والاحتمالات التي فيها.
وأما الاستبعاد من نجاسة بدن المؤمن فلا يوجب رفع اليد به عن الدليل المعتبر من النص والاجماع، مع أن شرفه بروحه وقلبه لا بجسده، ولزوم احترامه حيا وميتا لشرف ايمانه، وهو حظ روحه، ولا يلزم منه عدم نجاسة بدنه بعد خروج روحه، وكيف كان لا يمكن ترك الأدلة بمجرد الاستبعاد والاعتبار، وأما دعوى أنه لو كان نجسا لاشتهر وصار واضحا ففي غير محلها، لأن الابتلاء بملاقاة جسد الميت مع رطوبته نادر حتى بالنسبة إلى أقربائه، وليس أمره بحيث يدعى فيه لزوم الاشتهار.
فالأقوى ما عليه الأصحاب من نجاسته عينا كسائر النجاسات،