المس، أو من النجاسات الحكمية التي ترجع إلى عدم النجاسة.
فالأولى عطف الكلام إلى ذلك، فنقول: لولا الاجماعات المنقولة المتكررة في كلام الأصحاب على عدم الفرق بين الآدمي وغيره، كمحكي ظاهر الطبريات وصريح الغنية والمعتبر والمنتهى ونهاية الأحكام والتذكرة والذكرى وكشف الالتباس والروض والدلائل والذخيرة وشرح الفاضل بل ومحكي الخلاف لأمكن المناقشة في نجاستها لو خلينا والروايات.
بل يمكن المناقشة في الاجماع أيضا، بدعوى تخلل الاجتهاد والجزم بعدم شئ عندهم إلا تلك الروايات التي باب الاجتهاد فيها واسع ولهذا اختلف الآراء في أصل النجاسة، فإن القول بالنجاسة الحكمية، وعدم السراية إلى ما يلاقيها يرجع إلى عدم النجاسة كما مر.
بل لازم محكي كلام الحلي دعوى عدم الخلاف في عدم النجاسة العينية، قال فيما حكي عنه في مقام الاستدلال على عدم السراية مع الرطوبة أيضا: " لأن هذه النجاسات حكميات وليست عينيات ولا خلاف بين الأمة كافة أن المساجد يجب أن يجتنب النجاسات العينية، وأجمعنا بغير خلاف على أن من غسل ميتا له أن يدخل المسجد ويجلس فيه، فلو كان نجس العين لما جاز ذلك، ولأن الماء المستعمل في الطهارة الكبرى طاهر بغير خلاف. ومن جملة الأغسال غسل من مس ميتا، ولو كان ما لاقى الميت نجسا لما كان الماء الذي يغتسل به طاهرا " انتهى فكأنه ادعى الاجماع بالملازمة على المسألة، فلو كانت إجماعية بنفسها لا يتأتي له ذلك.
وليس المقصود في المقام تصحيح كلامه وصحة دعوى إجماعه حتى يقال: إن للمناقشة فيه مجالا واسعا، بل المقصود هدم بناء إجماعية المسألة، وفتح باب احتمال اجتهاديتها.