فلا بد بعد صحة هذا الحكم العقلائي من الالتزام: إما بكون الكلي في المعين جزئيا خارجيا مرددا، وأنه مرادهم من «الكلي الخارجي» وهو فاسد عقلا بلا إشكال.
أو بكون الكلي مملوكا في قبال الصبرة وأبعاضها، وهو أيضا فاسد عرفا.
أو بإرجاع الكلي في المعين إلى الإشاعة، وهو أيضا خلاف اعتبار العقلاء.
والذي يمكن أن يقال: إن الكلي بما هو، مع الغض عن لحوق الاعتبارات المعاملية به، معنى واحد، لا فرق بين مصاديقه وموارده - التي هي كليات أيضا - من حيث الكلية بوجه; فإن الكلي هو المفهوم القابل للصدق على كثيرين.
وهو صادق على الأمور العامة، كالشئ، والممكن، وعلى الماهيات الخاصة، كالإنسان، والغنم، والبقر، وعلى الكليات المقيدة، وإن صار التقييد موجبا لعدم الصدق إلا على مصاديق محدودة، أو على مصداق واحد، أو على الكلي المضاف إلى معين، كالصاع من الصبرة الخارجية.
فكل من تلك العناوين كلي، قابل للصدق على كثيرين، من غير افتراق بينها من هذه الحيثية، وإنما الافتراق بالإطلاق والتقييد، وسعة الصدق وعدمها مما لا دخالة لهما في نفس الكلي، فالكلي في المعين، لا يفترق عن سائر الكليات من حيث الكلية.
ثم إذا نظرنا إلى اعتبار العقلاء في باب المعاملات، نرى أن الكليات بما هي كليات، لا رغبة فيها، ولا مالية لها من حيث هي، بل مناط المالية والرغبات في مصاديقها، وإنما صارت الكليات أموالا باعتبار المصاديق.
فإذا قيل: «إن وسقا من الحنطة بكذا» تكون ماليته باعتبار مالية مصاديقه، وقابلية تطبيقه عليها، واعتبار ذمم المتعاملين تابع لقدرتهم على مصاديق ما تعاملوا عليه، لا باعتبار إضافتها إلى ذممهم; ضرورة أن الإضافة إليها