هل القدرة على التسليم شرط أو العجز مانع؟
ثم وقع الكلام في أن القدرة شرط، أو العجز مانع، وقد اشتهر بينهم أن المانع أمر وجودي، يلزم من وجوده العدم، والشرط ما يلزم من عدمه العدم (1)، وقد تشبث الشيخ الأعظم (قدس سره) بذلك على أن العجز ليس مانعا (2).
والظاهر أن ما ذكر في معنى الشرط والمانع، وقع في كلام أهل الفن بنحو من المسامحة (3)، ثم اشتهر ذلك غفلة عن حقيقة الحال; وهي أن العدم ليس بشئ، ولا يعقل أن يكون مشارا إليه، أو محكوما بحكم، أو موضوعا له، أو مدركا، فضلا عن أن يكون مؤثرا ومتأثرا، فاقتضاؤه لشئ أو لزوم شئ منه، كل ذلك غير صحيح، وما يتصور منه أو يحكم عليه، إنما هو العدم بالحمل الأولي، الموجود بالشائع في الذهن.
والتحقيق: أن المانع أمر وجودي، مضاد لأمر وجودي، فالتمانع بينهما بالذات; بمعنى عدم إمكان اجتماعهما في محل واحد، فكل منهما ما دام موجودا، يمنع عن وجود ضده بحكم التضاد والتنافي، فالبياض في الجسم ما دام موجودا، مانع عن وجود السواد، وكل طارد لضده.
وأما ما يقال: من أن المانع - اصطلاحا - هو ما يقتضي ما ينافي مقتضى