لا يعقل تكثره ولا انطباقه على غير الواقع.
نعم، لما كان هذا المعلوم المعين مشتبها بين أشياء - لعدم تعلق العلم بخصوصياته المميزة له عن سائرها - يقال: «إنه معلوم بالإجمال» بمعنى أنه معلوم معين واقعا، ومعلوم من جهة بلا إجمال، ومشتبه من جهات أخر.
مثلا: لو علم أن زيدا موجود في الدار، ولا يعرفه بعينه، وكان مشتبها بين جمع، تعلق علمه بأن زيدا موجود بينهم، فعلمه متعلق بشخصه، بعنوان أنه زيد، المشخص الموجود، غير القابل للتكثر والإبهام، والتردد والانتشار، وباسمه الموجود في الذهن المعلوم بالذات، وهو أيضا اسم شخص لا ينطبق على غيره، ولا إبهام ولا إجمال فيه.
لكن لما لم يعرفه بخصوصياته المعرفة، واشتبه عنده بين سائر الأفراد، واحتمل أنه هذا الشخص، أو ذاك، أو ذلك، يصح أن يقول بنحو القضية المنفصلة الحقيقية: «إن زيدا إما هذا، أو ذاك، أو ذلك...» إلى آخر الأفراد، ويصح أن يقول: «إني أعلم أن زيدا موجود في هذا الجمع» أو «إنه أحد هؤلاء الأشخاص، ولا أعرفه بعينه».
وهذا هو المراد من العلم الإجمالي، أو العلم بواحد لا بعينه، لا أنه في الواقع أو الذهن، يتحقق الواحد المبهم اللابعينه; مما هو واضح الفساد.
وإذا علم أن الواجب في يوم الجمعة إما صلاة الظهر، أو صلاة الجمعة، يعلم أن واحدا معينا وجب في الشرع، والصورة الذهنية الفريضة يوم الجمعة، وهي غير قابلة للانطباق على الصلاتين، بل لا تنطبق إلا على ما هي فريضة، لكن لما كانت مشتبهة، تصدق القضية المنفصلة الحقيقية، ويصدق: «أنه عالم بفريضة معينة يوم الجمعة» وإن اشتبهت عنده.
فلا إجمال في العلم، ولا في المعلوم بالعرض، ولا في المعلوم بالذات.