الجهالة والغرر إذا كان المقياس لهما، وإن تعارف في أحدهما.
ومما ذكرنا يظهر الحال في الروايات الواردة في الثمن، وكذا في صحيحة الحلبي، فإن بيع ما يتعارف فيه الكيل وزنا أو بالعكس، ليس جزافا ولا بيع مجهول، إذا كان كل منهما مقياسا له، وإن تعارف أحدهما لعارض.
فالجزاف بيع شئ بلا مقياس، أو بمقياس ليس له، كبيع القطن بالكيل، أو الظروف الصينية بالوزن، فالمقياس بغير ما هو مقياس للشيء موجب للغرر، وأما إذا كان مقياسا له، لكن تعارف مقياس آخر فيه، فالظاهر الجواز.
وما قيل: من أن الكيل أو الوزن لتشخيص المالية، فإذا كيل ما هو موزون في المتعارف أو بالعكس، لم تعلم ماليته (1) غير مرضي; لأن الجهل بالمالية لا يوجب البطلان، ولا يكون معه البيع غرريا أو جزافا، فمن دخل مصرا، واشترى شيئا معلوم المقدار والأوصاف مع الجهل بقيمته السوقية، صح بيعه، وله الخيار مع الغبن.
ثم لو شك في صدق الغرر والجزاف في موارد تبديل الكيل بالوزن أو بالعكس، يؤخذ بإطلاق أدلة تنفيذ البيع كما مر (2).
جواز التبديل بشرط التعارف وليعلم: أن ما ذكرنا من عدم الجزاف والغرر فيما إذا كيل ما يتعارف فيه الوزن أو بالعكس، إنما هو فيما إذا كان الكيل والوزن فيهما مقياسا عرفا، وإن تعارف أحدهما فيه لعارض، لا لكونه غير مقياسه، إلا إذا صار أحد المقياسين