مقتضى أوضاع المفهوم، بل يستند انتفاء سنخ الحكم إلى ما هو المستفاد بحسب الأوضاع والأحوال من المنطوق، وتلك القضية تابعة لهذه القضية، من غير النظر إلى مداليلها الوضعية اللفظية، لعدم ذكر منها.
نعم، إذا كانت القضية الثانية مذكورة أحيانا في الدليل، وكانت ظاهرة في أمر على خلاف ظهور المنطوق في الحصر، فلنا دعوى تقدم ظهور القضية الثانية على الأولى في بعض الفروض، كما إذا كانت استفادة المفهوم مستندة إلى الإطلاق مثلا، وكانت القضية الثانية التي هي مفهوم ظاهرة بالوضع في عدم الحصر، فتدبر.
تنبيه: في خروج بعض أنحاء المفهوم المخالف والموافق عن محل النزاع ربما يكون من المفهوم المخالف ما هو الخارج عن محط النزاع، كما إذا كانت الجملة بصدد التحديد الماهوي، فإنه يوجب الانتفاء عند الانتفاء.
مثلا: إذا قيل في جواب " ما حقيقة الانسان؟ ": " إنه الحيوان الناطق " أو " المائت " فلا بد من الالتزام بالمفهوم، وإلا يلزم احتمال وجود الفصل الآخر لتلك الماهية الجنسية، ولا يعقل ذلك، لأن الذاتيات محفوظة في أنحاء الوجودات.
كما ربما يكون من المفهوم الموافق ما هو أيضا خارج من محط التشاح، ويكون حجة قطعا، وذلك في القضايا التي سيقت لإفادة المفهوم، بحيث لا يكون المنطوق مرادا، فلو قلنا بأن النهي عن القول بالتأفيف ليس زجرا عن المدلول المطابقي، فلا بد وأن يكون مفهومه مرادا، فرارا من اللغوية غير الجائزة بحق المولى تعالى وتقدس. وهذا وذاك أقوى المفاهيم في قسمي المخالف والموافق.
وربما يوجد في الأمثلة ما لا ثمرة للقول بالمفهوم لها، كما في قولهم: " إن جاءك زيد فأكرمه " إلا على القول بأن مفهومه تحريم الإكرام عند عدم المجئ وهذا يعلم بالتأمل والتدبر.