المنطوق حسب الاصطلاح في باب التقييدات، بل هنا أمر آخر: وهو أن قضية الإطلاق هو انحصار العلة في الأذان انحصارا حقيقيا، وبعد ورود الدليل على علية خفاء الجدران يعلم: أن الانحصار إضافي، فلا يتصرف في المنطوق بإيراد قيد عليه كسائر الموارد، بل كان مقتضى دليل المفهوم، أن المنطوق علة تامة منحصرة بانحصار حقيقي، ومقتضى الدليل المقيد أن المنطوق علة تامة منحصرة بانحصار إضافي، فهذا التقييد يوجب التوسعة في ناحية المنطوق، لا التضييق.
فما تخيله المتأخرون: من أن تقييد المفهوم لا بد وأن يرجع إلى المنطوق (1)، إن كان يرجع إلى غير ما ذكرناه، فهو خال من التحصيل.
وإن شئت قلت: قضية كل واحدة من الشرطيتين مع قطع النظر عن الأخرى، هو كون المقدم علة تامة منحصرة، وإذا قيست إحداهما إلى الأخرى تحصل المعارضة بدوا بين المفهوم والمنطوق، وإذا عالجناهما يحصل التصرف في المنطوق بالتقييد الوارد على المفهوم.
وبعبارة ثالثة: ليس مفاد مقدمات الإطلاق إلا أن كلما تحقق خفاء الأذان، لا بد وأن يتعقبه القصر، من غير جواز تبديل مفاد مقدمات الإطلاق إلى مفاهيم العلة التامة المنحصرة، فإن في ذلك إضرارا بحق القانون، فإذا كان مفاد المقدمات المذكورة تلك القضية، يكون لها المفهوم حينئذ، ويقيد المفهوم بدوا. ثم يستكشف من التقييد أن القضية كانت هكذا: " كلما تحقق خفاء الأذان أو الجدران... " إلى آخرها، فلاحظ وتدبر.