المنحصرة الحقيقية، ولو تقدم العام عليه يلزم انتفاء المفهوم بالمرة.
وفيما دار في العامين من وجه بين الدليلين، وكان يلزم من تقديم أحدهما طرح الآخر لا العكس، يتعين الأخذ بالآخر، فإنه أيضا لا يلزم تصرف في المنطوق.
ومما ذكرناه إلى هنا يظهر حكم الصور الاخر.
والذي هو الحق: عدم تقدم العام على المفهوم ولا العكس إلا ببعض المرجحات الخاصة، وليس عندي منها كون العام دليلا وضعيا، والمفهوم دليلا إطلاقيا. مع أن منهم من يقول بأن المفهوم وضعي التزامي، والعام إطلاقي (1).
نعم، إذا كان العامان من وجه في مورد التصادق غير مرادين جمعا، وكان أحدهما جائز الطرح، للعلم الخارجي بوحدة الحكم، مثلا فيما إذا ورد " إن جاءك زيد أكرم الفقهاء " وورد " أكرم النحويين " فإنه في محط التصادق - وهو الفقيه النحوي - يكون الحكم واحدا، فإن من تقديم الأول على الثاني تنقلب نسبة المفهوم والعام، فإذا قدمنا في المثال المزبور المنطوق على العام، فتصير نتيجة التقديم وجوب إكرام الفقهاء والنحويين إذا جاء زيد، ومفهومه لا يعارض العام كما ترى.
وبعبارة أخرى: في العامين من وجه المتوافقين، إذا علمنا في الجميع بكذب أحدهما، لا يلزم إلا الأخذ بالآخر، وترك العمل بأحدهما المعين، من دون تعنونه بعنوان زائد في مقام الإثبات حتى يؤخذ بظهور القيد، ففي المثال المزبور بعد تقديم المنطوق على العام، لا يلزم كون موضوع العام النحويين غير المتفقهين حتى يعارض المنطوق أيضا، وهذا من الشواهد على عدم تعنون العام أو عدم ظهور للقيد، فتدبر.