تعدد المسألة وإن كان بتعدد الموضوع والمحمول أحيانا، أو بتعدد الموضوع أو المحمول، ولكن إذا كان بين المسألتين مثلا الجهة الجامعة، مع وحدة المناط والبرهان، فلا بد وأن ترجعا إلى واحد، وإلا يلزم أن لا تتناهى مسائل العلم، ولأجل ذلك تكون صغريات هذه المسألة، أكثر من الفرضين اللذين وقعا في محط البحث في كتبهم الأصولية (1)، فإن منها ما إذا كانت العمومات الواردة متعقبة بالمخصص المتصل، أو وردت العمومات وفاتت القرينة على أن العام الأول تكون " الألف واللام " فيه من العهد الذكري، فهل ذلك يوجب قصور العمومات الاخر عن العمومية الاستغراقية أم لا، وهكذا؟
ويظهر هنا أمر آخر وقعوا فيه (2): وهو أن ما جعلوه مورد النظر من العام المتعقب بالضمير الراجع إلى طائفة من العام الأول، ثم بحثوا عن تعارض أصالة العموم في الصدر، مع أصالة عدم الاستخدام في الذيل، كله غير تام، وقد أشير في كلماتهم إلى أن ذلك ليس من الاستخدام المصطلح عليه في علم البديع (3)، وعليه يسقط البحث بالمرة.
مع أن الأمر ليس كذلك، فإنه ولو لم يكن من الاستخدام كقول الشاعر:
إذا نزل السماء بأرض قوم * رعيناه وإن كانوا غضابا (4)