الاجمالي إن كان متعلقا بوجود المخصصات والمقيدات فلا يؤثر، وأما إذا كان متعلقا بوجودها فيما وصل إلينا من الأخبار والأحاديث فيؤثر.
ولا شبهة في أن في الفرض الأول لا ينجز شيئا، لأن وجودها الواقعي ليس بحجة، بخلاف وجودها الواصل ولو بنحو الاجمال، وذلك لأنه كما أن وظيفة العبد هو الفحص بعد العلم الاجمالي، كذلك وظيفة المولى هو الإيصال بنحو متعارف إيصالا متعقبا بالوصول على نحو متعارف أيضا، فإذا علمنا إجمالا بوجود المخصصات فيما ضاعت من الكتب والأصول الأولية، فهو لا يؤثر في شئ بالضرورة، ولعل هذا هو المراد مما اصطلح عليه من " التوسط في التنجيز " (1).
الثاني: لأحد إنكار وجود العلم المزبور أولا، وإنكار كونه بالنسبة إلى الأحكام الشرعية ثانيا، بل إنكار أصل الضياع ثالثا، وإنكار كونها من المخصصات المعتبرة سندا رابعا.
وبالجملة: لو التزمنا بتنجيزه بدعوى، أن المولى أدى وظيفته وهي الإلقاء إلى الأمة في عصره، والضياع لا يضر بذلك، ولا يعتبر أزيد منه، فلنا إنكار التنجيز من ناحية الخروج عن محل الابتلاء، بمعنى أنه إذا علمنا بوجود المخصص فلا بد من الفحص عنه، وإذا كان أحد الأطراف الكتب الضائعة فيلزم قصوره عن التنجيز.
لا يقال: الخروج لا يضر في المقام، لأنه يرجع إلى حجية الظواهر الموجودة.
لأنا نقول: حجية الظواهر عليها السيرة العملية، فلا بد من الموهن المبرز الواصل، وهو الفحص تفصيلا أو إجمالا على وجه يتنجز به وجود الموهن، فتدبر تعرف، وتأمل تجد.
وبعبارة أخرى: نعلم إجمالا بحرمة الإفتاء على طبق العام في السنة