أتعبوا أنفسهم، وتحملوا مصائب كثيرة، فدونوا الكتب الموجودة التي بين أيدينا المشتملة على العمومات والمخصصات والمقيدات والقرائن المنفصلة، ولا يعذر أحد إن اتخذ رأيا بمراجعة العام قبل الفحص عن محاله، أو إن عمل على طبق الظاهر قبل الفحص عن القرائن المحتملة المنتشرة فيها.
وبالجملة: إن الظواهر في عصر المعصومين (عليهم السلام) كانت حجة قبل الفحص، سواء استقر ظهورها، أو كانت غير مستقرة الظهور، وأما في عصرنا فما دام لم يستقر الظهور، لا يصح الاعتماد عليها والاحتجاج بها.
ولو قيل: إن في عصرهم (عليهم السلام) أيضا كان جماعة من الأصحاب يكتبون الأصول والفروع على حسب تدوين القوانين، وتلك الأصول الأربعمائة وصلت إلى أيدي أرباب المجامع الأخيرة ومؤلفي الكتب الأربعة، وكذا يكون الأمر كذلك بالنسبة إلى الجوامع المتأخرة للمحمدين بعد الألف، وعلى هذا فلا فرق بين الحالين.
قلنا: لا منع منه إجمالا، إلا أن كثيرا من المطلقات والعمومات، قد ألقيت إلى السائلين في مقام العمل قطعا، وما كان يجب الفحص فيها عن القرائن الآتية أو المتقدمة، ولا وجه للقول بالتفصيل، فتعين القول بعدم وجوب الفحص.
والأمر بعدما عرفت منا، سهل جدا، لما أن الوجه الوحيد لإيجاب الفحص هو المراجعة إلى دأب العرف والعقلاء في كيفية اتخاذ الرأي والحجة والدليل، ولا شبهة في أن المراجعة في هذه العصور إلى الظواهر مع وجود القرائن والمخصصات من غير فحص عنها، ليست مقبولة عندهم، ولا العامل بها معذورا.
ولو رجع ما في " الكفاية " من المعرضية للتخصيص (1) إلى ما ذكرنا فهو، وإلا فالمعرضية بمعنى القابلية هي باقية بعد الفحص، والمعرضية بمعنى الظن أو العلم أو