والتشبثات الكثيرة التي ذكروها في القضية الشرطية (1)، كلها تأتي هنا وتجري، ولكنها لا تنفع ولا تفيد، والتنبيهات التي أفادوها في ذيل تلك القضية تأتي هنا أيضا، كما أشرنا إليه في محله. فترتيب المقدمات الكثيرة أولا، وإقامة الأدلة المفصلة ثانيا، وذكر تنبيهات على حدة ثالثا، كله من التورم في الأصول، غافلين عن أن التورم غير السمن، والله الهادي إلى سواء السبيل.
نعم، هنا وجه: وهو رجوع الوصف والقيد إلى الشرط، وتكون القضية شرطية، عكس ما قيل: " من رجوع الشرط إلى القيد والوصف " (2) فإذا كان للشرط مفهوم فهو ثابت للوصف أيضا وذلك لأن حقيقة الوصف والقيد - بعد كونه احترازيا - أنه دخيل في صيرورة الموصوف بذاته قابلا لتعلق الحكم به، فيكون القيد واسطة في ثبوت الحكم لذات الموصوف، كما في الشرطية، وما هو الموجب للقول بالمفهوم في الشرط هو الموجب هنا، ومنها أن الظاهر دخل القيد والوصف بعنوانه الخاص، إذ مع تعدد العلة، يكون الجامع علة، وهو خلاف الظاهر، فلا محالة ينتفي سنخ الحكم بانتفاء قيد الموضوع.
ولكنك عرفت فساده بما لا مزيد عليه في تقاريب الشرط، فراجع (3).
ثم إنه غير خفي: أنه في القضية الشرطية، يكون السبب والعلة مجئ زيد، لا المجئ المطلق، وفي مفهوم الوصف - بناء على استفادة العلية من الوصف - هو سببية القيد وعلية الوصف والعلم من غير دخالة الذات، كما في مفهوم التعليل، فإرجاع القضية الوصفية إلى الشرطية يضر من جهة، وإن كان أقرب إلى فهم العرف،