وبالجملة تحصل: أن من المفاهيم مفهوم التعليل، وتبين أن إثبات الانحصار والعلية التامة وأصل الاستناد هنا، أهون من مفهوم الشرط والوصف:
أما الوصف فسيأتي (1)، وهو واضح.
وأما الشرط فقد عرفت المؤونات الكثيرة في إثبات أصل الاستناد والعلية التامة، الذي خالفه جماعة من المحققين، فضلا عن الانحصار (2)، وأما فيما نحن فيه فنحتاج إلى الجزء الأخير وهو الانحصار، وأما سائر المقدمات فهي هنا واضحة كما ترى.
ولو تمت التقاريب الكثيرة في مفهوم الشرط هنا - بضميمة إقرار الفقهاء في كتبهم الفقهية به على خلاف مذاقهم في الأصول - لكانت تمامية المفهوم هنا أولى وأظهر جدا.
وتوهم: أن قولك " أكرم زيدا، لأنه عالم " يرجع إلى قولك: " أكرم العالم " فيكون داخلا في مفهوم الوصف غير المعتمد الخارج عن محل النزاع، أو يكون مندرجا فيه، في غير محله كما أشير إليه في صدر المسألة، ضرورة أن كون الخمر حراما، وكون كل مصداق منها ممنوعا، صريح الدليل حسب الانحلال اللفظي في المقام، وأما علة التحريم العمومي فهي الإسكار، ولا يلزم منه عدم جواز التجاوز عن الخمر إلى باقي المسكرات، لأن سائر المسكرات أيضا حرام بعناوينها الذاتية لأجل الإسكار، من غير كون المسكر بعنوانه محرما، ولذلك نجد أن العرف يحكم بذلك وأنه يؤاخذ المرتكب بشرب الخمر، لا المسكر.
فما اشتهر: " من كون المحرم تشريعا عنوان العلة " (3) في غير محله جدا.