السبب من نوع واحد، فيكون المراد في ناحية السبب واحدا، والمجعول للسببية هو النوم، فلا يلزم منه تعدد الإرادة على الوجه المحرر فيما سبق.
اللهم إلا أن يقال: لو فرضنا تعدد السبب، فلا بد وأن يكون ذلك بلحاظ كثرة الوجود، فإذا كان مصداق النوم الموجود أول الزوال سببا، فلا بد من كون الملحوظ هي الطبيعة المتخصصة بالوجود، لا نفسها، وحيث إن وجود المصداق الثاني غير وجود المصداق الأول، فلا يكون هناك جامع حتى يكون هو السبب بذاته، فإذا لم يكن جامع فلا بد وأن تتعدد إرادة الإيجاب في ناحية الجزاء، وهو يقتضي تعدد المادة في تلك الناحية حتى لا يلزم محذور عقلي، وهو تعدد الإرادة التأسيسية مع وحدة المتعلق، كما مر مرارا بما لا مزيد عليه (1).
رابعها: يمكن دعوى أن استفادة تعدد السبب هنا مشكل، لأن الإطلاق لا يفيد إلا أن النوم مثلا تمام العلة، والإطلاق السرياني مما لا أساس له، ولأجل هذا يشكل تصوير تعدد السبب هنا وفي المسألة السابقة على الوجه المقصود في المقام:
وهو أن كل نوم يستتبع الوضوء، وكل بول كذلك.
ولأجل هذه الشبهة لا بد من التوسل إما بفهم العرف أن الأمر كذلك، كما في قوله تعالى مثلا: * (أحل الله البيع) * (2) وأمثاله، أو بالبحث فرضا، لإمكان أن يوجد في الفقه أحيانا قرينة لفظية في الأدلة الخاصة على السريان، كما إذا أفيد ذلك بلفظة " كلما " و " مهما " وأمثالهما، وإلا فما هو القدر المتيقن من تعدد السبب ما إذا تخلل الامتثال بين الأسباب، وأما إذا لم يتخلل فلا دليل على سببية كل فرد من النوم، أو على سببية البول والنوم، فلاحظ واغتنم.
وبعبارة أخرى: لو فرغنا من المسألة الأصولية يكون البحث لغوا، لما