وأفتي به أن الحج على أهل الجدة في كل عام فريضة. ثم استدل بالأحاديث المذكورة واحتمل بعض الأصحاب أن يكون المراد بالوجوب في هذه الأخبار الوجوب الكفائي على أهل الجدة من المسلمين في كل عام، وتؤيده الأخبار الدالة على أنه لو اجتمع الناس على ترك الحج لوجب على الإمام أن يجبرهم ولاستحقوا العذاب (1) وسيأتي بعضها في المقام.
ومنها - ما رواه في الكافي عن ذريح عن أبي عبد الله عليه السلام (2) قال:
" من مات ولم يحج حجة الاسلام لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق فيه الحج أو سلطان يمنعه فليمت يهوديا أو نصرانيا ".
وما رواه الشيخ في التهذيب (3) في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " قال الله تعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا (4) قال هذه لمن كان عنده مال وصحة، وإن كان سوفه للتجارة فلا يسعه فإن مات على ذلك فقد ترك شريعة من شرائع الاسلام إذا هو يجد ما يحج به، وإن كان دعاه قوم أن يحجوه فاستحيا فلم يفعله فإنه لا يسعه إلا الخروج ولو على حمار أجدع أبتر. وعن قول الله (عز وجل): ومن كفر (5) قال يعني من ترك ".
أقول: تفسيره هنا الكفر بالترك مؤيد لما قلناه آنفا.
وما رواه في الكافي عن أبي بصير (6) قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله (عز وجل): ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى