الغير المرجو الزوال، وأما ما كان مرجو الزوال فقالوا فيه بالاستحباب.
قال في المدارك: وإنما تجب الاستنابة مع اليأس من البرء، فلو رجا البرء لم تجب عليه الاستنابة اجماعا - قاله في المنتهى - تمسكا بمقتضى الأصل السالم من معارضة الأخبار المتقدمة، إذ المتبادر منها تعلق الوجوب بمن حصل له اليأس من زوال المانع. والتفاتا إلى أنه لو وجبت الاستنابة مع المرض مطلقا لم يتحقق اعتبار التمكن من المسير في حق أحد من المكلفين. إلا أن يقال: إن اعتبار ذلك إنما هو في الوجوب البدني خاصة. انتهى.
أقول: لا يخفى أن اطلاق أكثر الأخبار المتقدمة ظاهر في مطلق المرض مأيوسا من برئه أم لا، فإن قوله (عليه السلام) في صحيحة الحلبي -: " إن كان موسرا حال بينه وبين الحج مرض أو أمر يعذره الله فيه " - شامل لما هو أعم من ما ذكروه، ومثلها رواية علي بن أبي حمزة، وأظهر منها صحيحة محمد بن مسلم من قوله (عليه السلام): " لو أن رجلا أراد الحج فعرض له مرض... الحديث " نعم الأخبار المتضمنة للشيخ الكبير ظاهرة في ما ذكروه، إلا أنها لا دلالة فيها على الاختصاص بما ادعوه. وخصوص السؤال لا يخصص الجواب.
وبذلك يظهر لك ما في قوله في المدارك من أن المتبادر من الأخبار المذكورة تعلق الوجوب بمن حصل له اليأس من زوال المانع، فادعى لذلك سلامة الأصل من المعارض. وفيه ما عرفت، فإن الأخبار التي أشرنا إليها ظاهرة في العموم فيجب الخروج عن ما ادعوه من الأصل بها. على أنه لا مانع من العمل بهذه الأخبار على اطلاقها مع وجوب الإعادة مع البرء، كما صرحوا به بالنسبة إلى غير المرجو الزوال.