من صنع الشهيد (قدس سره) لكن المعلوم من طريقة والدي في هذا الشرح مشاركة جماعة المتأخرين في تخفيف المراجعة والاتكال على حكايات السلف وقد عدل عن ذلك فيما بعد حيث انكشف له حقيقة الحال؟ هذا مع أن الفرق بين اللفظين هنا والتفاوت بين مفاديهما قليل عند التأمل وأن الجمع بين كلمة " يبني " وبين كلمة " ما بقي " باقيتين على ظاهرهما غير متصور، وليس التجوز في " يبني " حرصا على نفي الاحتمال بأولى من حمل " ما بقي " على إرادة ما سلم من الحدث المبطل وقوفا مع المعهود واقتصارا على اثبات الأحكام الشرعية على ما يتضح إليه السبيل وينتفي فيه الاحتمال القادح في دلالة الدليل. انتهى كلامه.
أقول: وما ذكره من الاحتمال المذكور وما ذيله به جيد وجيه كما لا يخفى على الفطن النبيه، وبه تنطبق الروايتان المذكورتان على القواعد الشرعية من غير حاجة إلى تخصيصهما باستثناء الصورة التي جعلوها محل النزاع بناء على ما فهموه من الروايتين المذكورتين، هذا، واحتمال التقية فيهما أقرب قريب كما تقدمت الإشارة إليه. والله العالم.
(المسألة الخامسة) - إذا اجتمع ميت ومحدث وجنب وكان من الماء ما يكفي أحدهم خاصة، فإن كان ملكا لأحدهم اختص به ولم يجز له بذله لغيره مع مخاطبته باستعماله ووجوب صرفه في طهارته، ولو كان مباحا حازه من سبق إليه من المحدث والجنب ولو توافيا عليه دفعة اشتركا، وإن كان ملكا لهم أو لمالك يسمح به فلا ريب أن لمالكه الخيرة في تخصيص من شاء به، إنما يبقي الكلام في الأولى من الثلاثة وكذا لو كان منذورا أو موصى به للأحوج، فقال الشيخ في النهاية: إذا اجتمع ميت ومحدث وجنب ومعهم من الماء ما يكفي أحدهم فليغتسل به الجنب وليتيمم المحدث ويدفن الميت بعد أن يؤمم. وقال في الخلاف إن كان الماء لأحدهم فهو أحق به وإن لم يكن لواحد بعينه تخيروا في التخصيص، لأنها فروض اجتمعت وليس بعضها أولى من بعض فتعين التخيير ولأن الروايات قد اختلفت على وجه لا ترجيح فتحمل على التخيير. وقال ابن إدريس