واستدل بقوله (صلى الله عليه وآله) (1): " لأن يجلس أحدكم على جمر فيحرق ثيابه فتصل النار إلى بدنه أحب إلي من أن يجلس على قبر " وبقول الكاظم (عليه السلام) فيما قدمناه من موثقة علي بن جعفر (2): " لا يصلح البناء على القبر ولا الجلوس " أقول: إن الرواية الأولى عامية كما نبه عليه أيضا بعض متأخري أصحابنا ولكن الثانية ظاهرة الدلالة على ذلك ونحوها رواية يونس بن ظبيان المتقدمة (3) حيث تضمنت النهي عن القعود عليه، إلا أنه قد روى الصدوق في الفقيه عن الكاظم (عليه السلام) (4) " إذا دخلت المقابر فطأ القبور فمن كان مؤمنا استروح إلى ذلك ومن كان منافقا وجد ألمه " ويمكن حمله على القاصد زيارتهم بحيث لا يتوصل إلى قبر إلا بالمشي على آخر كما ذكره في الذكرى أو يقال تختص الكراهة بالقعود لما فيه من اللبث المنافي للتعظيم، ولعله الأقرب. وأما الاستناد إليه والمشي عليه فقد صرح الشيخ بكراهتهما مدعيا في الخلاف الاجماع على ذلك في الأول، ولم أقف في الأخبار على ما يدل على ما ذكره بل دلت مرسلة الفقيه على عدم كراهة المشي وأن تأولها في الذكرى بما قدمنا ذكره، وأما الصلاة عليه فقد تقدم في رواية يونس بن ظبيان (5) ما يدل على ذلك، وأما الصلاة إليه فلما سيأتي إن شاء الله تعالى في بحث المكان من كتاب الصلاة تتمة مهمة تشتمل على مسائل:
(الأولى) - قال شيخنا الشهيد في الذكرى بعد ذكر جملة من الأخبار الدالة على أن البناء على القبور القعود عليها والتجصيص والصلاة عليها مكروه: وروى الصدوق عن سماعة (6) " أنه سأله عن زيارة القبور وبناء المساجد فيها فقال زيارة القبور لا بأس بها ولا يبنى عندها مساجد " قال الصدوق: " وقال النبي (صلى الله عليه وآله): لا تتخذوا