فيها، إذا من المعلوم منع ذلك من الدفن الذي هو الغرض المترتب عليه كما صرح به الأصحاب في نظائرها وحينئذ فيكون النهي للتحريم، وأما مجرد الصلاة في المقابر فحيث أنها توجب منعا من التصرف فهي صحيحة وإن كانت مكروهة من حيثية أخرى.
ثم لا يخفى أن المراد بهذه الأراضي المذكورة ما هو أعم من أن تكون موقوفة على تلك الجهة الخاصة أو أنها وجدت في تصرف المسلمين كذلك وإن لم يعلم أصله ولا كيفية أمرها، فإن تصرف المسلمين واستمرار يدهم عليها موجب لكونها ملكا لهم من هذه الجهة فلا يجوز التصرف فيها بما ينافي الغرض المطلوب المترتب عليها، أما لو كانت الأرض معلومة بأنها موات مباحة أو مملوكة قد أباحها المالك للمسلمين يتصرفون فيها بما أرادوا أو وقفها عليهم كذلك أو نحو ذلك فإنه خارج عن محل البحث.
وأما ما يدل على جواز البناء بل استحبابه عليه قبور الأئمة (عليهم السلام) وجواز الصلاة بل استحبابها عند قبورهم فهي كثيرة مذكورة في كتاب المزار من كتاب البحار، وعسى أن نبسط الكلام في ذلك في كتاب الصلاة إن شاء الله تعالى.
(الثانية) - المشهور بين الأصحاب كراهية دفن اثنين في قبر واحد ابتداء، واحتج عليه في المبسوط بقولهم (عليهم السلام): " لا يدفن في قبر واحد اثنان " ولأن النبي (صلى الله عليه وآله) أفرد كل واحد بقبر (1) قالوا ومع الضرورة تزول الكراهة بأن يكثر الموتى ويعسر الافراد، لما روي (2) " أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال الأنصار يوم أحد: حفروا ووسعوا وعمقوا واجعلوا الاثنين والثلاثة في القبر الواحد وقدموا أكثرهم قرآنا " هذا كله في الابتداء كما قدمنا ذكره.
وأما لو دفن ميت في قبر فهل يجوز نبشه ودفن آخر معه؟ ظاهرهم التحريم، قالوا لأن القبر صار حقا للأول فدفنه فيه، ولاستلزام النبش والهتك المحرمين، قال في