الواجب من الأغسال على الأشهر الأظهر إنما هي الستة التي تقدم البحث عنها وأما ما عداها فهو مستحب، وحينئذ فما دل عليه جملة من هذه الأخبار من الوجوب فيما وقع الاتفاق من الأصحاب على استحبابه فهو محمول عندهم على تأكد الاستحباب، والتعبير بذلك مجاز شائع في الأخبار، وقد وقع في موثقة سماعة التعبير في بعض بالوجوب وفي بعض بالسنة وفي بعض بالاستحباب والمرجع أمر واحد، إلا أن الظاهر أن الوجه في تغيير التعبير هو آكدية بعض على بعض فما عبر فيه بالوجوب فهو الآكد ودونه السنة ودونه الاستحباب. وقد تطلق السنة في مقابلة الفرض وهو ما كان دليل وجوبه الكتاب فيراد بها حينئذ ما كان وجوبه بالسنة. وما دل عليه أكثر هذه الأخبار من عدم عد غسل الحيض والاستحاضة والنفاس فلعله محمول على ذكر الأغسال بالنسبة إلى الرجال.
(الثاني) - قوله (عليه السلام) في صحيحة محمد بن مسلم: " وإذا غسلت ميتا وكفنته أو مسسته " وكذا قوله (عليه السلام) في صحيحة معاوية بن عمار: " ومن غسل الميت " يحتمل حمله على غسل المس فيكون بعد التغسيل والتكفين في الرواية الأولى أو بعد التغسيل كما في الرواية الثانية، ويحتمل حمله على استحباب الغسل لأجل تغسيل الميت بتقدير الإرادة فيكون قبل التغسيل، قال شيخنا المجلسي في البحار بعد ذكر الرواية الأولى من كتاب الخصال - وفيها عطف التكفين على التغسيل بأو لا بالواو كما في هذه الرواية - ما لفظه: " وقوله (عليه السلام) " أو كفنته " قيل المراد إرادة التكفين أي يستحب ايقاع غسل المس قبل التكفين، وقيل باستحباب الغسل لتغسيل الميت وتكفينه قلبهما وإن لم يمسه " وقال بعد نقل خبر فيه هكذا " وغسل من مس الميت بعد ما يبرد وغسل من غسل الميت " ما صورته: " وغسل من غسل الميت تخصيص بعد التعميم أن حملناه على الغسل بعده، ويتحمل أن يكون المراد استحباب الغسل لتغسيل الميت قبله كما عرفت بل هو الظاهر للمقابلة " انتهى. وهو مشعر بتقويته