كتاب الحج بعدم حصول الاستطاعة بما يهبه له لعدم وجوب قبول الهبة لاشتمالها على المنة، مع أن ظواهر الأخبار - كما سيأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى - دالة على وجوب القبول، وبالجملة فالظاهر هو ما ذهب إليه الشيخ (قدس سره) سيما مع موافقته الاحتياط المطلوب في المقام، حيث إن المسألة عارية عن النص فيجب الوقوف فيها على جادة الاحتياط.
(المسألة الثالثة) - في الخوف والمراد به ما هو أعم من خوف لص أو سبع أو نحو ذلك أو خوف المرض وحدوثه أو زيادته أو خوف العطش، فههنا مقامات ثلاثة:
(الأول) - في خوف السبع واللص ونحوهما، وقد صرح الأصحاب بأنه لا فرق في جواز التيمم بين أن يخاف لصا أو سبعا على نفسه أو ماله، قال العلامة في المنتهى:
السبب الثاني أن يخاف على نفسه أو ماله لصا أو سبعا أو عدوا أو حريقا أو التخلف عن الرفقة وما أشبهه فهو كالعدم، لا نعرف فيه خلافا لأنه غير واجد إذ المراد بالوجدان أن يمكن الاستعمال لاستحالة الأمر بما لا يطاق، ثم استدل على ذلك برواية يعقوب بن سالم ورواية داود الرقي. أقول: والروايتان قد قدمناهما في صدر المسألة الأولى، وظاهرهما بل صريحهما تخصيص العذر بالخوف على النفس، وأما الخوف على المال فلم أقف فيه على مستند إلا أنه اتفاقي بينهم. وصريح الروض - وهو ظاهر غيره أيضا - أنه لا فرق في المال بين كونه له أو لغيره، وهو أشد. اشكالا. وأما ما في المسالك - حيث قال بعد ذكر العموم في الخوف للنفس والمال: " ولا فرق بين كثير المال وقليله، والفارق بينه وبين الأمر ببذل المال الكثير لشراء الماء النص لا كون الحاصل في مقابلة المال في الأول هو الثواب لبذله في عبادة اختيارا وفي الثاني العوض وهو منقطع، لأن تارك المال للص وغيره طلبا للماء داخل في موجب الثواب أيضا " انتهى - ففيه أنا لم نقف على نص يدل على وجوب الانتقال إلى التيمم للخوف على المال سوى الروايتين المشار إليهما، وظاهرهما بل صريحهما ينادي بأن المراد إنما هو الخوف على النفس كما عرفت لقوله في الأول " لا آمره أن يغرر بنفسه فيعرض له لص أو سبع "