(الرابع) - الأشهر الأظهر أنه لا يلحق بالمسجدين غيرهما من المساجد في شرعية التيمم للخروج، لعدم النص وتوقف العبادة على التوقيف، وقرب شيخنا الشهيد في الذكرى استحباب التيمم فيها لما فيه من القرب من الطهارة وعدم زيادة الكون فيها له على الكون له في المسجدين، قال في المدارك: " وهو ضعيف ودليله مزيف " أقول: والظاهر أن وجه الضعف فيه هو أن التيمم إنما شرع في المسجدين لعدم جواز المرور فيهما جنبا فأمر بالتيمم ليكون على طهارة حال خروجه وأما سائر المساجد فإنه يجوز المرور فيها جنبا مع تحريم اللبث فيها، وأما ما ذكره من الدليل ففيه أنه لا وجه لارتكاب أمر محرم لأجل الاتيان بأمر مستحب لما ثبت من تحريم اللبث فارتكابه لأجل حصول القرب من الطهارة الذي هو أمر مندوب إليه مما لا يكاد يعقل، وعدم زيادة الكون فيها على الكون له في المسجدين غير مجد نفعا في المقام لثبوت الترحيم مطلقا خرج منه مورد النص في المسجدين وبقي ما عداه داخلا تحت الاطلاق.
(الخامس) مقتضى الأخبار الواردة في هذه المسألة وكذا كلام الأصحاب أنه لا ينوي بهذا التيمم البدلية عن الغسل وإنما ينوي به استباحة المرور في المسجد خاصة وعلى هذا فلا يكون مبيحا للصلاة ونحوها، وعلل ذلك أيضا بأنه يجب عليه الخروج عقيبه بغير فصل متحريا أقرب الطرق.
ولشيخنا الشهيد الثاني هنا في الروض تفصيل حسن قال: " والتحقيق أن يقال إن كان الغسل ممكنا في المسجد ولم نقل بتقديمه على التيمم فلا اشكال في عدم إباحة هذا التيمم للاجماع على عدم إباحة الصلاة بالتيمم مع إمكان الغسل، وإن لم يمكن في المسجد فلا يخلو أما أن يكون الغسل ممكنا خارجه كما لو كان الماء موجودا ولا مانع لهذا المتيمم من الغسل من مرض ولا غيره، وهنا أيضا يتوجه عدم إباحة الصلاة لأن وقوعها في المسجد ممتنع لوجوب المبادرة إلى الخروج وبعد الخروج يتمكن من الغسل فيفسد التيمم، وإنما شرع التيمم هنا مع إمكان الغسل خارجا لتحريم المرور في المسجدين من دون الغسل أو التيمم